جاء ملاك الرب إلى السجن، وَنُورٌ أَضَاءَ فِي الْبَيتِ، ولكن بطرس لم يستيقظ، فاضطر الملاك أن يضَرَبَ جَنْبَه وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: قُم عَاجِلاً! فَسَقَطَتِ السِّلسِلَتَانِ مِن يَدَيهِ، لأن لا شيء يقف أمام قوة الله.
لقد سقطت أسوار أريحا أمام قوة الإيمان (عبرانيين١١: ٣٠)، وسقطت السلسلتان من يدي بطرس بقوة الصلاة (أعمال١٢: ٥)، وسقط دَاجُونَ عَلَى وَجهِهِ إِلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ (١صموئيل٥: ٣).
ثم يذكر له بالترتيب بكلمات مركزة وحازمة: ١. قم عاجلًا ٢. تَمَنْطَقْ ٣. الْبَس نَعلَيْكَ ٤. البَس رِدَاءَكَ ٥. اتبَعنِي، فَخَرَجَ يَتبَعُهُ، لقد أطاع بطرس دون تردد.
لقد تم كل هذا في خلال دقائق قليلة، وبسرعة فائقة، ووجد نفسه خارج السجن، وكأنه حلم، سار معه الملاك زُقَاقًا وَاحِدًا، ليكون قد ابتعد عن دائرة الخطر، ثم فَارَقَهُ.
لقد اختبر إنقاذ الرب له من موت محقق، فقال: «الآنَ عَلِمْتُ يَقِينًا أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ، وَمِنْ كُلِّ انْتِظَارِ شَعْبِ الْيَهُودِ». وبطرس ينسب إنقاذه للرب، وليس للملاك، الذي هو فقط آلة مستخدمة.
تحرك مباشرة إلى بيت مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، لأن هذا البيت كان مكان اجتماع الكنيسة في أورشليم، ووجد الباب مغلقًا، لأن الوقت كان ليلاً، والكنيسة تصلي بالداخل، وكانت هناك مخاوف من هيرودس الملك ورجاله.
عندما قرع باب الدهليز، جاءت رَوْدَا لتعرف من الطارق، وعندما سمعت صوت بطرس عرفته، لأن بطرس كان يتردد كثيرًا على هذا البيت (١بطرس٥: ١٣).
لم تفتح رودا الباب، بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِل وَأَخبَرَت أَنَّ بُطْرُسَ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَاب، لقد حملت بشارة مفرحة إلى الكنيسة، ولكنهم لم يصدقوا، ونرى هنا ضعف إيمان الكنيسة في استجابة الصلاة.
«وَأَمَّا بُطْرُسُ فَلَبِثَ يَقْرَعُ. فَلَمَّا فَتَحُوا وَرَأَوْهُ انْدَهَشُوا. فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ لِيَسْكُتُوا»
لأنهم عندما رأوه واندهشوا، أطلقوا صيحات الفرح والانتصار، لذلك أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ لِيَسْكُتُوا، لكيلا تحدث ضوضاء، وأيضًا ليسمعوا ما سوف يقوله لهم، ثم حَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَخْرَجَهُ الرَّبُّ مِنَ السِّجْنِ، وبذلك أعلن الرب لهم أنه استجاب صلواتهم، وذلك لتقوية إيمانهم.
ثُمَّ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ليهرب من سيف هيرودس الذي كان يريد قتله (متى١٠: ٢٢، ٢٣).
ينتهي الكلام عن الرسول بطرس في أعمال١٢، وخدمته وسط اليهود، باستثناء ما جاء في أعمال١٥، وذلك ليفسح الكلام عن خدمة الرسول بولس، وخدمته وسط الأمم.
لم ينتهِ الأمر عند إنقاذ بطرس؛ لكن يُعلن الوحي عن القضاء على هيرودس المتكبر والقاتل، الذي بعدما شعر بالهزيمة، ذهب إلى قيصرية، وهناك ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ.
أنقذ الرب بطرس ولم ينقذ يعقوب، وهذا يرجع لحكمة الله وسلطانه لأن خدمة يعقوب انتهت، بينما خدمة بطرس لم تنتهِ.
في هذا الأصحاح العظيم نرى يد الله تعمل بحكمة وقوة لصالح كنيسته، وأنه مسيطر على كل الأحداث، والصلاة تعمل عملًا عظيمًا، والله يتمجد في القضاء على الأشرار والمقاومين لعمله، لذلك يجب أن نثق فيه.
يا ليتنا نتعلم أن نصلي من أجل إخوتنا ومن أجل ظروفهم المتنوعة، ولا سيما الذين في ضيقات، وتجارب محرقة.
(يتبع)