هناك نغمة سائدة عند البعض أن كل شيء حلو كان زمان، وحتى العيشة بالقيم والأخلاق “دا كان زمان”، وهكذا الإيمان والتقوى والعيشة لربنا برضوا “دا كان زمان”!! لذلك ترى أن الفشل واليأس دب في قلب الكثيرين، والبعض الأخر اتجه إلى الإباحية والإلحاد حيث إنه “ليس في الإمكان أفضل مما كان”!! والمثل المصري الشهير بيقول: “سعد زغلول قال ما فيش فايدة”!! هل توافق عزيزي على هذا الفكر؟ وهل تسرب إليك وقت ما؟ تعال نفكر معًا.

أولًا: من وراء هذه المقولة؟

١. بالتأكيد عدو كل بر، الشيطان، الذي يريد تدمير القيم والأخلاق، بل وتفشيل النفوس لتستسلم له ولرغباته المدمرة. قديمًا جاء ربشاقي رئيس جيش سنحاريب، وهو صورة للشيطان، ووقف ينادي شعب الله المحَاصَر قائلًا لهم: «لاَ يَجْعَلْكُمْ حَزَقِيَّا تَتَّكِلُونَ عَلَى الرَّبِّ قَائِلًا: إِنْقَاذًا يُنْقِذُنَا الرَّبُّ.... اعْقِدُوا مَعِي صُلْحًا وَاخْرُجُوا إِلَيَّ» (إشعياء١٥:٣٦-١٦).

٢. كما أن العدو يستخدم أناسًا يروجون لمثل هذه الأفكار، أما لإشاعة الفشل أو لأغراض دنسة يريدون أن يتمموها كما قال الرسول بطرس: «أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الأَيَّامِ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاقٍ هَكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ» (بطرس الثانية١:٣-٣).

٣. هناك البعض الذي قرر أن يعيش في الشر وأسلموا لأنفسهم للدنس، وبدلًا من أن يتوبوا، زادوا في عمل الشر، وألقوا العذر على الله أنه لم يعد معهم. هذا عين ما فعله شاول الملك الشرير، فبسبب تعديه على الله وكلامه، رفضه الرب ولم يعُد يتكلم إليه فلجأ للسحرة قائلًا: «فَتِّشُوا لِي عَلَى امْرَأَةٍ صَاحِبَةِ جَانٍّ فَأَذْهَبَ إِلَيْهَا وَأَسْأَلَهَا» لماذا يا شاول؟ فيجيب قائلًا: «الرَّبُّ فَارَقَنِي وَلَمْ يَعُدْ يُجِيبُنِي لاَ بِالأَنْبِيَاءِ وَلاَ بِالأَحْلاَمِ» (١صموئيل١٤،٧:٢٨).

ثانيًا: خطأ هذه الفكرة تمامًا للأسباب الأتية:

١. إلهنا إله كل زمان وموجود أيضًا في كل مكان: عندما حارب الأراميون شعب الله قديمًا، قالوا عن الله: “إنه إله جبال ولا يكون في السهول”! لكن الله أراد أن يثبت لهم أنه إله كل مكان «وَأَمَّا عَبِيدُ مَلِكِ أَرَامَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ آلِهَتَهُمْ آلِهَةُ جِبَال، لِذلِكَ قَوُوا عَلَيْنَا. وَلكِنْ إِذَا حَارَبْنَاهُمْ فِي السَّهْلِ فَإِنَّنَا نَقْوَى عَلَيْهِمْ» (١ملوك٢٣:٢٠).

٢. ثبات الرب ومواعيده: تتغير الناس من عصر إلى عصر ربما لعوامل السن أو الضعف أو غيرهم. لكن الرب لا يتغير، لا يشيخ ولا يتراجع عن وعده، لقد قال: «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا» (ملاخي٦:٣). وقيل عن الرب أيضًا في ثباته وثبات كلامه: «ليْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟» (عدد١٩:٢٣).

٣. عدم التوبة والعيشة في الخطية يجعلان الرب يتباعد. لقد انتصر الشعب بالرب وسقطت أسوار أريحا، وبعدها بوقت قليل هُزموا أمام قرية صغيرة أسمها “عاي”، وذلك ليس لأن الرب كان زمان وتغير، بل بسبب شرورهم. وهذا ما قاله الرب لهم: «قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ، بَلْ تَعَدُّوا عَهْدِي الَّذِي أَمَرْتُهُمْ بِهِ، بَلْ أَخَذُوا مِنَ الْحَرَامِ، بَلْ سَرِقُوا، بَلْ أَنْكَرُوا، بَلْ وَضَعُوا فِي أَمْتِعَتِهِمْ» (يشوع١١:٧).

ثالثًا: الأدلة التي تبطل هذه الأفكار

١. إن ربنا يسوع المسيح مكتوب عنه: «يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ» (عبرانيين ٨:١٣). هو الرب الذي لا يتغير في كلامه ووعوده وقوته، بل وإمكانياته أيضًا. فقط نحتاج أن نثق فيه ولا نستمع لهمس العدو.

٢. في العصور القديمة والحديثة هناك الأمناء الذين عاشوا مع الرب وللرب. فدانيآل والفتية الثلاثة في قديم العصور، ومارتن لوثر وجون ويسلي في العصور القريبة. “جيم إليوت” كان منذ سنوات قريبة، هذا الشاب الأمريكي صاحب الخمسة والعشرون عامًا، الذي ضحى بحياته عندما ذهب ليبشر هنود الأكوادور. ورغم التحذيرات الشديدة بأن لا يذهب، لكنه أصر قائلًا: “ليس غبيًا من يفقد ما لا يمكن الاحتفاظ به، حتى يحتفظ بما لا يمكن أن يفقده”! يومًا من الأيام ظن إيليا أنه وحده يعيش للرب، لكن الرب أكد له أنه هناك الكثيرين يعيشوا للرب «وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ سَبْعَةَ آلاَفٍ، كُلَّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجْثُ لِلْبَعْلِ وَكُلَّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلْهُ» (١ملوك١٨:١٩).

٣. وإذا نظرت حولك عزيزي، ستجد أمناء للرب كثيرين يعيشوا بكل أمانة وحب للرب، ليس بقوتهم أبدًا، بل ليثبتوا لك وللجميع، أن السر وراء الإمكانية لحياة التقوى، ليست ظروف ما أو “ناس زمان”، بل “إله دانيال ورب داود بنؤمن إنه ما زال موجود”.

رابعًا: كيف أعيش ضد الفشل رغم الظروف المحبطة؟

١. ثِق في إلهك الذي لا يتغير مُرددًا بإيمان واثق «وَلَكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى» (عبرانيين١٢:١).

٢. ثِق فيه أنه يفعل معك وفيك، كما عمل مع أتقياء زمان. فمرة قال الرب ليشوع بعد موت موسى: «كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (يشوع٥:١).

٣. أرفض عزيزي كل تشكيكات العدو، لأننا لا نجهل أفكاره، وأبتعد أيضًا عن المفشلين والمشككين من يستخدمهم العدو أيضًا. كُن مثل يشوع وكالب الذين قاوموا بإيمانهم كل تفشيل الجواسيس العشرة قائلين: «إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَنَّنَا قَادِرُونَ عَليْهَا» (عدد٣٠:١٣).

٤. أخيرًا ردد كل يوم بإيمان واثقًا في إله كل نعمة «وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أفسس٢٠:٣).

أنشد معي مرنمًا واثقًا في الرب؛

إنت مش للذكريات

أو لمجد راح وفات

أو لفرحه تدوم ثواني

أو دقايق أو ساعات

إنت أقوى إنت أعظم

إنت حيٌ أنت تقدر

إنت صخرة إنت ملجأ

إنت فوق حد التصور