شِفرة وفوعة

امرأتان بسيطتان بيظهروا في بداية قصة شعب الله في سفر الخروج. نشوفهم بيكرموا الرب بمخافتهم إياه وما بيطاوعوش أوامر فرعون ومن وراه الشيطان، اللي كان عاوز الشعب ميخرجش من مصر وبالتالي ما يوصلش كنعان، وإن كل ذكر من بني إسرائيل يموت وبالتالي ميجيش المسيَّا مُخلِّص الإنسان.

اقرا القصة في خروج١: ٨-٢٢ واتعرَّف على شِفرة وفوعة القابلتان، وإزاي ظهرت مخافة الرب في أجلى بيان. مرتين يقول الكتاب عنهما إنهما خافتا الله ع١٧، ٢١ وهمَّا تالت من قيل عنه هذا التعبير. الأول “إبراهيم” (تكوين ٢٢: ١٢) وظهرت مخافة الله في إنه قدَّم للرب الأغلى على المذبح. والثاني “يوسف” (تكوين ٣٩: ٩؛ ٤٢: ١٨) وكانت مخافة الله هي إنه يعيش في محضر الله فيرفض الخطية حتى ولو كانت سهلة، وفي إنه يتعامل مع إخواته بحكمة مليانة حق ونعمة، ومع إنه كان عنده الفرصة إنه بسهولة ينتقم منهم على اللي عملوه فيه لكنه أحسن ليهم وقادهم للاعتراف بخطيتهم والتوبة عنها. والمرة التالته هي هنا، شِفرة وفوعة، وظهرت مخافة الله إنهم ميعملوش الخطية حتى ولو كان ده أمر الملك فمقتلوش ولاد العبرانيين الذكور وقت ولادتهم زي ما فرعون أمرهم.

يمكن نتساءل: طب هٌمَّا مش المفروض يخضعوا للحاكم وينفذوا أمره زي ما الكتاب بيوصِّي شعب الله؟

الإجابة: شعب الله بيخضع للحُكَّام طالما أوامرهم مافيهاش كسر لقانون إلهي أو عصيان للرب لأنه: «ينْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ» (أعمال٥: ٢٩).

سؤال تاني: طيب همَّا مش كدبوا لما فرعون سألهم “ليه بتسيبوا الأولاد يعيشوا؟” فردوا عليه إن النساء العبرانيات قويات يلدن قبل أن تأتيهُن القابلة.

الإجابة: مش بالضرورة يكونوا كدبوا، لأنه ممكن فعلاً يكون الرب إدى القدرة دي للنساء العبرانيات علشان يحيي أولادهم، أو ربما بسبب كثرة الشغل زادت قوتهم البدنية للدرجة إنهم ممكن يولدوا من غير مساعدة القابلة (المعروفة بـ“الداية”). وفي كل الأحوال الكتاب لم يمتدح ردهم على فرعون، لكن امتدح مخافتهم للرب في التصرف اللي عملوه.

ييجي تعبير «مخافة الرب» ٢١ مرة في الكتاب، ١٤ منها في سفر الأمثال علشان يقولنا: إن مخافة الرب هي اللي بتضمن لنا الحكمة الإلهية للسلوك الصحيح.

وفي الآيات دي بنشوف بركات مخافة الرب ومنها: المعرفة والحكمة (أمثال ١: ٧؛ ٩: ١٠)، طول الأيام (أمثال ١٠: ٢٧)، ثقة شديدة وحماية من أشراك الموت (أمثال١٤: ٢٦، ٢٧).

وفي أمثال ٢٢: ٤ يقولنا: «ثَوَابُ التَّوَاضُعِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ هُوَ غِنًى وَكَرَامَةٌ وَحَيَاةٌ» والـ ٣ حاجات دول حصلوا مع شِفرة وفوعة:

(١) الغِني: صنع الله لهما بيوتًا يعني رزقهم أزواج وأولاد وبيوت جميلة مع حياة هانئة. يُقال إنه في العادة اللي كانت تشتغل قابلة هي من لا تنجب أطفال لكن الرب هنا أكرمهم بالبيت والأولاد.

(٢) الكرامة: وإيه أعظم من إن الوحي المُقدس يسجل أسميهما، في الوقت اللي مقالش فيه اسم فرعون ملك مصر اللي كان في نفس الحادثة! شِفرة معنى اسمها “جمال” وفوعه تعني “روعة”؛ والحاجتين دول من نصيب المرأة المتقية الرب بحسب أمثال ٣١: ٣٠

(٣) الحياة: كان ممكن جدًا فرعون يغضب عليهم فيقتلهم لأنهم عصوا أوامره لكن بسلطان إلهي لم يؤذيهم والرب حفظ حياتهم.

مخافة الرب خلتهم يكون عندهم رحمة ويرفضوا الظلم والرب أكرمهم لأن «اَلتَّابعُ الْعَدْلَ وَالرَّحْمَةَ يَجِدُ حَيَاةً، حَظًّا وَكَرَامَةً.» (أمثال٢١:٢١)

كتير مننا يتمنى الغِنى والكرامة والحياة، ودول متوفرين للأتقياء، وزي ما احنا فاهمين من الكتاب؛ مش بالضرورة الغنى يكون الغنى المادي لأنه ممكن يكون في بيت الصديق “قليل” (أمثال١٥: ١٦؛ ١٦: ٨) لكن بركة الرب هي تُغنِي (أمثال١٠: ٢٢) ويبقى فيه اكتفاء وسعادة من جهة الأمور المادية.

أكيد كشباب نحب إنه يبقى لينا بيوت، وكتير نعول الهم لما بنشوف الغلاء اللي بيزداد والتحديات المادية الفعلية اللي بتواجه أي شاب مُقبل على الارتباط. لكن قصة شِفرة وفوعة بتشجعنا، خلينا نحط الرب ف الأول ونخافه ونطيعه ونسيب احتياجاتنا عليه وهو يعرف يدبر ويكوِّن البيت.

داود كمان اللي اهتم إنه يبني بيت للرب اللي بيحبه وبيتقيه أكرمه الرب وقال له: «الرَّبَّ يَبْنِي لَكَ بَيْتًا» (١أخبار١٧: ١٠).

ده وعد الرب «حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي» (١صموئيل٢: ٣٠).

لأن «التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ» (١تيموثاوس٤: ٨).

التقوى نافعة لكل وقت ولكل شيء، علشان كده أقول لنفسي وليك يا صديقي: خاف الرب في شبابك عشان تتبارك في كل أمورك.