2019 160

اللي يصبر ينول

Bookmark and Share

مثل عامي مصري، يحُضّ على الصبر، معتبرًا إياه الطريق الأكيد لبلوغ المراد. والحقيقة أنه أصبح من العسير جدًا الكلام عن الصبر في زمن السرعة سمته المميزة. المواصلات والاتصالات أسرع، انجاز الأعمال المنزلية وفي المكاتب، بل أن نهاية الحياة نفسها باتت تأتي أسرع من المتوقع!

لكن سيبقى الصبر لازمًا في أمور كثيرة لا تتم إلا مع الزمن: في نمو طفل، في شفاء مريض، في اكتساب خبرات الحياة في العمل والهوايات...

وللصبر دور أساسي في علاقتنا مع الله. يكفي أن نتذكر قول الرب وهو يشرح مثل الزارع أن «الَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ» (لوقا٨: ١٥). فحياتنا الروحية كطفل يستغرق وقتًا لينمو، ولا يوجد بديل عن الانتظار بصبر. كثيرًا ما فشلنا وتوقفنا روحيًا عندما استعجلنا نتائج قراءة الكتاب أو الصلاة أو الخدمة. لذلك نحتاج أن نسمع التحريض «إنكم تحتاجون إلى الصبر لتعملوا إرادة الله، فتنالوا البركة التي وعدتم بها» (عبرانيين١٠: ٣٦ – الترجمة التفسيرية). فقط استمر يا عزيزي.

ولفهمنا لقصص الكتاب، التي هي واقع مَرَّ به أناس مثلنا، يمكننا أن نتعلم شيئًا عن الصبر «لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ (حتى يكون لنا رجاء بما في الكتاب من الصبر والعزاء)». ولأن لنا «إِلهُ الصَّبْرِ» (رومية١٥: ٤-٦) فهذا ما يمكِّننا من الصبر. ويزيد الرسول يعقوب بالقول «وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ (لا ينفذ صبرك حتى يتمم عمله)، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ (وهي مرتبطة بالصبر كثيرًا)، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ» (يعقوب١: ٤-٥).

وإن كان أحيانًا لكي يعلمنا الله الصبر يستخدم «الضِّيقَاتِ، (فإننا) عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا» (رومية٥: ٣-٤)؛ إن حدث ذلك احتمل، وتذكَّر القول «هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ» (يعقوب٥: ١١).

بقي أن نقول: إن ليس كل شيء يصلح معه الصبر؛ فلا تقل لمن يحترق بيته “اصبر”؛ ولا تَقُل في شأن خلاص نفسك “اصبر”، ولا في رجوعك عن خطية ولو بعد الإيمان؛ هناك أشياء كثيرة يقول عنها الكتاب “الآن”. «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ» (عبرانيين٣: ١٥).

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf