2007 87

أيَّ قائدٍ تتبع؟

Bookmark and Share

روى أحد خدام الرب هذه القصة:

كنت وزوجتي متوجِّهين ذات يومٍ إلى الاجتماع، وكنت أنا أقود السيَّارة. ولما وصلنا إلى إشارة مرور حمراء، توقفت. وبينما أنا أنتظر، سرح فكري بعيدًا، وأنا أتأمل السيارة الفخمة الواقفة أمامي. وعندما تحركت هذه السيارة، وأنا شارد الفكر، انطلقتُ توًّا وراءها، بغير أن أنظر إلى الإشارة إطلاقًا. ولم أدرك أني تبعتُ القائد بعماوة وتسرّع إلا بعد اجتيازنا التقاطُع، لأن السائق المتقدِّم كان قد انطلق قبل أن تظهر الإشارة الخضراء. وهكذا كان ممكنًا أن يُسبِّب اتِّباعي له حادثًا خطيرًا، لأن عينيَّ كانت عليه وليس على إشارة المرور.

وإذ فكرت في تسرعي ولا مبالاتي، تذكَّرت أن بعض الناس يتبعون قادتهم الدينيين بغير تفكير. وما أكثر الذين ينجذبون إلى خدّام وقادة ذوي شخصيَّات كارزميَّة (لها تأثير قوي خاص) جذابة، وقدرة على البلاغة مميَّزة، ونزعة إلى التسلُّط واضحة! حتى إنهم يقبلون ويفعلون كل ما يقوله أولئك القادة، بغير أن يُفكِّروا برؤوسهم هم. على نقيض هذا تمامًا كان أهل بِيرِيَّة الشُّرَفاء، الذين «قَبِلُوا الكلمة بكلِّ نشاطٍ فاحصين الكتب كل يومٍ: هل هذه الأُمُورُ هكذا؟» ( أعمال17: 11).

عزيزي: إن اتّباعك القادة بلا رويَّة ولا تفكير قد ينطوي على خطر كبير. لهذا ينبغي أن تفحص كل شيء بمقتضى ما يقوله الكتاب المقدس، لأن كلمة الله هي مرشدنا الوحيد وسط ارتباكات العالم «سراجٌ لِرِجلِي كلامك ونورٌ لسبيلي» (مزمور119: 105)، وهي معيارنا الوحيد ومرجعنا النهائي للحق الإلهي والسلوك والعمل. وواجبنا أن نختبر كل شيء في ضوء كلمة الله. وعندما تكون في مفترق الطرق، وتواجهك أمور الحياة وظروف الزمان، مع ما بها من مُعضلات ومُلِمّات وارتباكات، لا تعرف كيف تتصرف فيها؛ هل تفحص الكتب المقدسة، كل يومٍ، لتعرف الإجابة على تساؤلات قلبك؟ وإذا عُرضت عليك التعاليم الغريبة، وما أكثرها هذه الأيام، هل ترجع إلى كلمة الله، كل يومٍ، لترى هل هذه الأمور هكذا؟ أم أنك محمول بكل ريح تعليم، وتتبع القادة بغير تفكير (أفسس4: 14)؟

وروى آخر هذه القصة:

في كندا، كان مزارعًا عائدًا إلى منزله في المساء، في يوم عاصف، وفي طريق مُغطّى بالثلوج الكثيفة. وكانت السماء مليئة بالغيوم والسحب القاتمة، ولم يكن هناك ما يُريه الطريق للمنزل. وفجأة اكتشف أنه ضلَّ الطريق، فساورته المخاوف. ولكن بعد فترة، رأى في الثلوج آثار حديثة لعربة أخرى يجرّها حصانين؛ فعاد إليه الأمل والرجاء في أن يجد الطريق، وأسرع بعربته حتى أدرك العربة التي أمامه. فتحوّل إليه قائد العربة الأمامية وناداه قائلاً: إلى أين أنت ذاهب؟ فأجابه المزارع وقال: لقد ضللت الطريق! أريد فقط أن أتبعك وأرى الطريق. فقال الأمامي: ولكنني أنا أيضًا ضللت وأبحث عن الطريق!

وصُدم هذان الرجلان عندما أدركا موقفهما. ولولا أن جاءت رياح شديدة، أزالت السحب والغيوم، وجعلتهما يريان نجم القطب الجنوبي، لهلكا. وبفضل النجم السماوي فقط، استطاعا أن يجدا طريقهما ويعودا كلٌّ إلى منزله.

القاريء العزيز: ألا نشبه أحيانًا كثيرة المزارع في هذه القصة؟ ألسنا كثيرًا مانبحث عن الطريق خلف الآخرين؟ ألسنا نجري وراء الناس في طرقهم بحثًا عن الطريق، لنكتشف في النهاية أنهم هم أيضًا بشر مثلنا ضلوا الطريق! «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلنا. مِلنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلى طَرِيقِهِ» (إشعياء53: 6)، لأن «الجميع زَاغُوا وفَسَدُوا مَعًا» (رومية3: 12). فهل من الضروري أن تهب عاصفة في رحلة حياتنا حتى نصحو وندرك أننا مفقودون؟ لنتوقف ونسأل أنفسنا: إلى أين تقودنا الطريق التى نسلكها؟ إننا إذا قَبلنا الرب يسوع المسيح مُخلّصًا شخصيًا، وتبعناه (1بطرس2: 21)، فإنه سيقودنا حتمًا إلى حياة في أمان، وأبدية سعيدة مباركة.

لقد قالها المسيح، وماأصدق قوله: «أنا هو الطريق والحقّ والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا14: 6). فإذا شعرت بأنك تائه وضائع ضللت الطريق، فإني أرجوك ألا تتبع عقيدة أو إنسانًا، مهما علا شأنه، بل تعال إلى المسيح لتعرف الطريق، وتنال الحياة الأبدية.

إن الرب يسوع المسيح هو «الطريق»؛ الطريق الوحيد إلى الآب «ليس أحدٌ يأتى إلى الآب إلا بي» (يوحنا14: 6).

وهو- تبارك اسمه - «الحق»؛ ويا له من ضمان لنا في هذا العالم، حيث إبليس، المُخادع الأكبر، ينسج حبائل الغش ليصيد بها الغافل. فالرب، الذي هو الحق، هو كفايتنا لنفحص به فلسفات البشر واقتراحات العدو، التي تجد قبولاً ورواجًا بين الناس.

وهو- له كل المجد - «الحياة»؛ «الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهِرَت لنا» (1يوحنا1: 2)، والتي هي هبة الله لكل مَن يؤمن بابنه.

عزيزي: هل تتبع الرب يسوع المسيح؟

وهل تحب كلمته، وتحيا وتهتدي في طريقك بها؟

ليتنا جميعًا هكذا!

فايز فؤاد
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf