2014 126

مَنْ شَبَّ على شَيءٍ شَابَّ عليه

Bookmark and Share
”شبّ“ أي بدأ شبابه، و”شَابَ“ أي ظهر الشيب في شعره، ويُقصد بذلك ”وصل سن الشيخوخة“. وهذا المثل العربي الأصيل، يُقصَد به أن من تعوَّد على شيءٍ، أو تعلَّم شيئًا، في شبابه المبكِّر؛ أكمل حياته بنفس العادات، محتفظًا بما تعلَّم. وهناك مثل عربي آخر مقارب هو: ”العلم في الصغر كالنقش على الحجر“ يكمِّل معنى الأول.

ولا شك أن المثل يحمل لكل شابٍ تحريضًا هامًا: فشبابك هو أفضل وقت تتعلم فيه ما سينفعك في حياتك كلها. فعمر الشباب هو وقت التعلُّم، إذ مع مرور الوقت تَقِلّ القابلية للتعلم بسبب الانشغال بمسؤوليات كثيرة. فانتفع بهذا الوقت لتحصِّل ما يفيدك في حياتك الروحية (كدراسة كلمة الله، والقراءات الروحية...)، وفي حياتك العملية (كتعلم اللغات وبرامج الحاسب، وتنمية المواهب...). وشبابك أيضًا هو الوقت الذي تنمّي فيه عادات مفيدة تكون سبب نجاح وبركة لحياتك (كالمواظبة على الصلاة والاجتماعات الروحية، والاجتهاد كمبدإٍ في كل شيء، والالتزام...).

تعوَّد صموئيل على أن يصلّي وهو بعد صبي صغير، فظل طوال عمره رجل صلاة. وتعلَّم دانيآل الحكمة وهو فتى، فبقي إلى نهاية حياته، قرب التسعين، حكيمًا فهيمًا. تدرَّب داود على الترنيم وتسبيح الرب في مقتبل عمره، فما كف عن الترنيم طوال حياته، حتى نسمعه يقول للرب «اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ» (مزمور71: 17). طلب يوشيا الرب إله أبيه وهو فتى (2أخبار34: 3)، فسطر قصة حياة رائعة لمجد الله. ويقول بولس الرسول لتلميذه وابنه في الإيمان «وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (2تيموثاوس3: 15)، فغدا خادمًا للرب كل أيامه. وغالبية العظماء في كل المجالات، بدأوا في الصغر. فحسنًا تفعل أنت أيضًا، وتهتم بما يبقى، فغدًا يبدأ اليوم.

بقي تحذير واجب من إضاعة الوقت في ما لا ينفع ولا يبقى، فالوقت الذي يفوتك اليوم لن يعود ثانية. كما لا يفوتني أن أترك معك قول الحكيم: «فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ أَيَّامُ الشَّرِّ أَوْ تَجِيءَ السِّنُونَ إِذْ تَقُولُ: لَيْسَ لِي فِيهَا سُرُورٌ» (جامعة12: 1).
عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf