أحياناً أشعر أن هناك تناقضات بالكتاب المقدس وسمغت هذا من كثيرين أيضاً .. وأنا متحير، فهل هذا صحيح؟
بالطبع هذا غير صحيح بالمرة. وللأسف ياصديقى فإنك شعرت وسمعت مع أن أمراً خطيراً كهذا لايؤخذ بالشعور ولاينفع معه مجرد السمع، بل يحتاج إلى دراسة عميقة متأينة. وأوَّد أن أوضح لك أن مَنْ يقول لك إن فى الكتاب المقدس تناقضات هو واحد من اثنين، إما قارئ سطحى للكتاب يقرؤه قراءة الصحف، أو شخص شرير مُغرض يبغى مُهاجمة المسيحية.
ولقد حاول الكثيرون على مر العصور اثبات هذا، فثبت فقط أنهم ينطحون الصخر، فتحطمت رؤوسهم وبقى الكتاب شامخاً. بل إنهم قدموا خدمة للمؤمنين الحقيقيين إذ حفزوهم ليدرسوا بعُمق تلك المواضع التى ادّعوا أنها تناقضات، فاكتشفوا أنها هى نفسها ذات مواضع الكمال والجمال فى كلمة الله فازداد تعلقهم بكلمة إلههم. واليك مثال على هذا ..
لقد ادعَّى البعض ممن قرأت لهم مؤخراً أنه يوجد تناقض بين ثلاثة بشيرين هم: متى ومرقس ويوحنا، عند سردهم لحادثة سكب الطيب على الرب يسوع (ياليتك تقرأ هذه الحادثة فى متى26: 6 -13؛ مرقس14: 3-9؛ يوحنا12: 1-7). فمثلاً قالوا: إن متى يذكر أنها سكبت القارورة، بينما مرقس يقول أنها كسرت القارورة. والحقيقة واضحة، فمتى لم يَقُل إنها سكبت القارورة بل سكبت الطيب لأن القارورة لاتُسكب بل الطيب هو الذى يُسكب. ومرقس كان واضحاً إذ قال كسرت القارورة وسكبت الطيب.
ويقولون أيضاً إن متى ومرقس قالوا انها سكبته على رأسه، بينما يوحنا يقول أنها سكبته على قدمى يسوع. أليس هذا تناقضاً؟، وبالطبع هذا جهل منهم وليس تناقضاً فى الكتاب لأن يوحنا لم يَقُل أنها سكبته على قدميه بل دهنت قدمى يسوع بالطيب. فإذا أعمل الانسان عقله لن يجد صعوبة فى أن يفهم أنها كسرت القارورة وسكبت الطيب على رأسه، كما يذكر متى ومرقس، ثم دهنت بالطيب قدمى يسوع كما ذكر يوحنا. ويمكننا أن نكتفى بذلك قانعين أنه لاتناقض.
لكن إن تعمقنا أكثر سنكتشف جمالاً وروعة فى كلمة الله لاتُبصرها إلا العين البصيرة ولايفهمها إلا القلب المُحب للمسيح. فإذا قرأنا هذه الأناجيل الثلاثة من بدايتها إلى نهايتها سنجد أن متى يقدم الرب يسوع باعتباره الملك لاسرائيل. وابتداءً من أصحاح11 سنجد أن خاصته لم تقبله وشعب اسرائيل رفضوه وقالوا: لانريد أن هذا يملك علينا، لكن بينما الأمة كلها رافضة إياه كالملك، هناك بقية بسيطة ضعيفة تمثلها مريم أخت لعازر أحبت الرب وقبلته كالملك وعبَّرت عن هذا بسكب الطيب على رأسه كما كان يُمسح ملوكهم قديماً مثلما حدث مع داود (أنظر 1صموئيل16: 13).
كذلك مرقس يقدم لنا الرب يسوع كالنبى الخادم العظيم الذى أتى ليكرز بالانجيل. لكن اليهود رافضى الأنبياء وقتلتهم، قد رفضوه كعادتهم. لكن هناك بقية قليلة أحبته وقبلت ارسالية خدمته وعبَّرت عنهم مريم أخت لعازر بأن سكبت الطيب على رأسه كما كان يُمسح أنبياؤهم قديماً (أنظر 1ملوك19: 16).
لكن يوحنا يتكلم عن الرب من بداية الانجيل وإلى نهايته باعتباره ابن الله الأزلى الذى كان فى البدء والذى كل شئ به كان والذى كُوّن به العالم. لكن للأسف يعلن لنا أن العالم لم يعرفه بل وأبغضه لكن هناك بقية قليلة عرفت أنه الله نفسه وأحبته وإذ ملأ جلاله الإلهى قلوبهم فإنهم دهنوا قدميه بالطيب مُقدرين سعى هاتين القدمين الإلهيتين فى الأرض الملعونة بسبب خطايانا. وعبَّرت مريم نيابة عنهم عن هذا الحب والتقدير ولم يكن يليق إطلاقاً أن يسكب الانسان الطيب على رأس الإله، لذلك كان فى تمام التوافق أن تدهن به قدميه فقط.
والآن .. هل رأيت معى إن مايقولون عنه تناقضاً هو عين الروعة والجمال فى كلمة الله.
هلم الآن ادرس الكتاب باجتهاد وعُمق، طالباً ارشاد الرب ومعونته. وإن وجدت شُبهة تناقض اجتهد لحلها، وإذا عسر عليك ارسل لنا حالاً لنوافيك بالتوضيح.
2- طريق أم طرق
أبحث بجدية عن طريق الخلاص، وهناك مَنْ عرضوا علىَّ طُرقاً صعبة لم أستطعها، وآخرون عرضوا طرقاً سهلة لم أقتنع بها. ماذا أفعل؟
صديقى العزيز .. أوّد أن أسألك : هل تبحث عن طريق أم عن طُرق؟ إن هؤلاء وأولئك قدموا لك طُرقاً، لكن الخلاص له طريق واحد لا طرق، وطريق الخلاص هو المسيح نفسه الذى قال «أنا هو الطريق» (يوحنا14: 6). لذا ياصديقى لاتنتظر منى أو من غيرى وصفاً جديداً لطريقة جديدة تخلصك، لكن أسرع الآن قبل أن تكمل قراءة صفحات المجلة وارفع قلبك للمسيح المخلص وقُل له «أنت الطريق وأنا الحائر. خلصنى لأنى أحتاج إليك» وثق بايمان أن دمه سيغسل كل خطاياك ويعطيك الحياة الأبدية فوراً.
|