رسالة عاجلة يافندم» قالها جندى الاشارة وهو يتلعثم وتصطك ركبتاه داخل معسكر الرئاسة البريطانى فى نيوجيرسى بامريكا، وهو يقدم الرسالة للكولونيل راهل قائد الجيش الانجليزى فى يوم19 ابريل 1775.
ابتسم الكولونيل ابتسامة ساخرة وهو ينظر للجندى بفتور شديد وقال له: هل فى رسالتك ورقة الكوتشينة التى أنتظرها؟ ضحك الجميع .. وفى صمت وفزع قدم الرسالة للقائد، وبعد أن أدَّى التحية العسكرية وانصرف، وضع القائد الورقة فى جيبه بسرعة دون أن ينظر إليها واستمر يلعب الكوتشينة مع ضباط جيشه.
مرَّت ساعة كان فيها الكولونيل راهل مستغرقاً فى لعب الكوتشينة وهو ينتظر أن يبتسم له الحظ وتأتيه الورقة التى ينتظرها فيكسب كل الدور. بعد الساعة تذكَّر راهل الرسالة فوضع يده فى جيبه وأخرجها فى ملل ليقرأها. لم يصدق الكولونيل عينيه اللتين اتسعتا فى ذهول وهو يقرأ «تحذر. جورج واشنطون القائد الأمريكى يعبر الآن نهر الدلاوار .....» صرخ راهل وهو يخاطب ضباطه .. تحذروا .. تحذروا سريعــــ ..... لم يكمل الكولونيل راهل كلماته حتى كانت أصوات القذائف على معسكر الرئاسة أعلى من كل الأصوات، ودوى انفجار الدانات ومحاصرة الدبابات أبلغ من كل العبارات.
ركض راهل بسرعة والدموع تقفز من عينيه أسرع .. الكوتشينة .. ورقة الكوتشـ... ولم يكمل الجملة لأن لسانه صمت تماماً .. فقد انفصلت رأسه عن جسده بالكامل، ولم يبقَ منه ولا من خيّرة ضباطه إلا رماد وأشلاء لحمية دموية متناثرة.
لقد عبر جورج واشنطون النهر وحُسمت المعركة لصالحه لأن قادة الجيش الانجليزى كانوا يلعبون الكوتشينة وكان يوم الثورة الأمريكية هذا أعظم الأيام فى تاريخ أمريكا
صديقى .. صديقتى .. لقد خسر الكولونيل راهل الكوتشينة وهو ينتظر الورقة المعينة، بل وخسر المعركة وضباطه وجنوده وحياته وهو يلعب الكوتشينة وقد أهمل رسالة من أخطر الرسائل فى حياته.
قارئى العزيز .. أى ورقة كوتشينة تشغلك فى هذه الدنيا؟ هل تجعلك كوتشينة هذا العالم أن تهمل أخطر رسالة موجهة إليك على وجه الاطلاق؟
إن كان لا، فأرجوك أن ترافقنى فى جولة سريعة لترى معى كم من أُناس هلكوا إلى الأبد لأنهم انحرفوا بعيداً عن الهدف وانشغلوا بأمور تافهة لاتزيد فى قيمتها عن ورقة الكوتشينة:
(1) عيسو بورقة العدس الأحمر رُفض من البركة بعد أن خسر البكورية (تكوين27، 25: 30-34).
(2) امرأة لوط بورقة حُب سدوم صارت عموداً من مادة ملحية (تكوين19: 26).
(3) بلعام العراف أحب المال «أجرة الإثم» فقُتل فى نهاية مُزرية (عدد22: 24؛ يشوع13: 22)
(4) عخان رُجم مع عائلته بسبب رداء وتُحفة ذهبية (يشوع7: 25)
(5) نابال هلك وهو يرفض أن يقدم لداود هدية حيوانية (صموئيل الأول 25).
(6) أمنون قتله أخوه بورقة الشهوة الجنسية (صموئيل الثانى 13).
(7) جيحزى باع مكانته وأبديته بوزنتى فضة وحُلة سريانية (ملوك الثانى5 )
(8) بيلشاصر المتكبر أنهى حياته فى حفلة العظمة الفانية (دانيال 5)
(9) الشاب الغنى مضى للجحيم حزيناً إذ أحب الأموال الأرضية (مرقس10: 22)
(10) الغنى الغبى قضى حياته فى التكويم وظن أن الحياة باقية (لوقا12: 20)
(11) الغنى الذى طُرح لعازر عند بابه، قرأ الرسالة فى لهيب الهاوية (لوقا16: 24)
(12) يهوذا خان سيده وباعه بثلاثين من القطع الفضية (متى27: 3-6).
(13) بيلاطس لأجل كرسى الولاية أسلم المسيح وأهمل الرسالة الزوجية (متى27: 19)
(14) فيلكس أجَّل توبته وهلك لانتظاره دراهم مادية (أعمال24: 24-27).
صديقى .. صديقتى .. أرجو أن لاتكون أنت ضمن هذه القائمة مع ملايين عبر آلاف السنين لعبوا بكوتشينة اهتمامات الحياة وأهملوا أهم وأخطر رسالة على وجه الاطلاق .. أرسلها الله لنا .. فالله كلمنا فى هذه الأيام فى ابنه (عبرانيين1: 1،2)؛ الرب يسوع الذى وُلد وعاش ومات على الصليب وقام لأجلنا، فإن قبلنا فداءه وعمله وصليبه ننجُ من الهلاك الأبدى، وإن أهملنا هذه الرسالة سنهلك حتماً لا محالة «الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية والذى لايؤمن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله» (يوحنا3: 36).
لذلك أصلى لأجلك وأدعوك أن تبدأ على الفور حياة جديدة مع المسيح.
صلاة: أيها الرب يسوع المجيد .. أنا خاطيء شريد وأنت المخلص الوحيد، فغيَّر قلبي العنيد ليكون لك قلباً جديداً، وأعيش معك سعيداً.. آمين.
|