2000 44

عائلة الله

Bookmark and Share

عائلة الله أم ليست الطبيعة تعلمكم؟ دروس أخرى من الطفولة الطبيعية رأينا في ما سبق أن الطفل مثالاً للاتكال والاعتمادية، للبساطة والنقاء والاتضاع، وأنه سرعان ما يغفر الإساءة وينسى.  وفي هذا العدد سنرى مميزات أخرى للطفل نتعلم منها دروساً روحية نافعة.

1- الطفل يطلب بلجاجة وإلحاح
بل وأحياناً بالدموع، ويتشبث بالطلب، خاصة إذا كان أبوه قد وعده به.  وفي الحياة الروحية أشار الرب يسوع إلى أهمية اللجاجة في الصلاة، وقدم لنا مَثلين؛ مَثل صديق نصف الليل (لوقا 11: 5-8)، ومَثل الأرملة وقاضي الظلم (لوقا 18: 2-8).  وفي الحالتين كانت اللجاجة سبباً في الاستجابة. إن الصلاة هى التعبير عن حالة قلب متعلق بالرب بصفة دائمة.  أما في الحالات الطارئة والعاجلة والمُلحّة، فإن المؤمن لا يصلي فقط بل يصرخ بأوفر لجاجة.  ويعقوب في يومه جاهد مع الملاك وغلب، بكى واسترحمه، وقال «لن أطلقك إن لم تباركني» (تكوين 32: 26).  وحنة أم صموئيل بكت بكاءً، وكانت تسكب نفسها أمام الرب في صلاة.  والرب لا يغضب من لجاجة المؤمن، على العكس، إنه ينصف مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً «هذا المسكين صرخ والرب استمعه» (مزمور 34: 6).

2- الطفل يكره الوحدة ويخاف من الظلام
إنه بتكوينه الطبيعي يحب أن يكون مع آخرين، يأنس لهم ويشعر معهم بالأمان والراحة. وما أحلى شركة المؤمنين معاً وارتباطهم بجو المحبة الدافئ الذي يميز عائلة الله.  إن المولود من الله لا يسعد إلا وسط إخوته المؤمنين، وهو يحتاج إليهم دائماً.  وهذا العنصر هام للنمو والاستمرارية في الحياة المقدسة والمكرسة.  وإذا انفرد بعيداً عن هذا الجو وحُرم من الشركة مع المؤمنين، فإن هذا يحمل خطراً كبيراً على حياته الروحية.  إذ سيكون عُرضة لهجوم الشيطان وتجاربه.  ولأن الشخص لا يستطيع أن يبقى وحده، فسيضطر أن يكون في شركة مع غير المؤمنين وهذا أيضاً يضاعف الخطر على حياته الروحية.  إن الطفل بالطبيعة يحب النور ويخاف من الظلام.  وهكذا شركة أولاد الله هى في النور «إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض» (1يوحنا 1: 7).

3- الطفل يحب التقليد ومَثَله الأعلى والده وهكذا أيضاً في المجال الروحي.  فالمولود من الله يجد المَثَل والقدوة في الأشخاص الروحيين الذين استخدمهم الرب معه، سواء لتبشيره أو لتشجيعه وتعليمه واحتضانه ورعايته.  هكذا كان الرسول بولس للمؤمنين قدوة ومثالاً طيباً.  وكان هو شخصياً متمثلاً بالمسيح، فيبقى أن المسيح هو النموذج الفريد الوحيد الخالي من العيوب الذي نقتدي به ونتعلم منه.

4- الطفل يملك طاقة هائلة وحركة ونشاط لا يتوقفان وإذا كُلّف بشيء يعمله بسرور.  وهكذا الطفل في عائلة الله لديه طاقة، ويحب أن يشارك في أي نوع من النشاط أو الخدمة أو أي عمل نافع.  إنه يُسرّ بأن يؤدي دوره كعضو في جسد المسيح.  وجميل أن تُستغل هذه الطاقة في شيء مفيد، ويتوجه نشاطه بطريقة صحيحة، حتى لا تُستغل في أمور عاطلة لا تمجد الرب.  وجيد للرجل أن يحمل النير في صباه.  ومَنْ يتعوَّد أن يتحمل مسئولية روحية في خدمة ما من الصغر، لن يكون متهاوناً في حياته الروحية.  وهذا سيحفظه منضبطاً في كل شيء.  وبالطبع لا ينبغي أن الصغير يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي.  كان الصبي صموئيل يخدم الرب أمام عالي، وكانت خدمته بسيطة تتناسب مع سنه الصغير، لكن هذه الخدمة البسيطة كانت مقبولة أمام الرب.

5- الطفل قابل للتعلم بسهولة وهو يسأل كثيراً، ولديه قدرة على الاستيعاب، وهكذا أيضاً في المجال الروحي.  كل مولود من الله يقول للرب «أسألك فتعلمني»؛ إنه يأخذ مركز التلميذ المتعلم:  يستقبل ويحفظ، فيستنير ذهنه، وبهذا ينمو ويتغير.  إن عملية تجديد الذهن تتضمن إسقاط المبادئ القديمة التي احتواها الذهن قبل الإيمان، وزرع أفكار ومبادئ إلهية جديدة يتعلمها الشخص من المكتوب.  وفي السنوات الأولى يكون الذهن نشطاً في التحصيل الروحي، والشخص أكثر اجتهاداً في دراسة الكتاب.

6- الطفل حساس ومشاعره مُرهفة وأقل شيء يبكيه.  وهكذا أيضاً المؤمن المولود من الله قد اكتسب مشاعر حساسة.  ولكونه في عالم مليء بالشر والأشرار، فإن الظروف المُحيطة هي معاكسة لروحه.  إن إحساسه بالألم أكثر من غيره، فهو كسوسنة بين الشوك.  ومثل حنة أم صموئيل النبي التي عندما تعرضت للتجريح والآلام بكت بكاءً وصلّت وسكبت نفسها قدام الرب، هكذا لا يجد المؤمن راحة أو تعزية إلا في محضر الرب.  وكالأم التي تحتضن طفلها الباكي وتهدئ نفسه المضطربة «هكذا أعزيكم أنا يقول السيد الرب».

7- الطفل عندما يتعرض لتأديب من أبيه، لا يهدأ إلا بابتسامة أبيه له مرة أخرى ولا يستريح إلا بعودة جو المحبة والألفة والشركة معه.  إنه تحت التأديب لا ينفر من أبيه، بل يتعلق به أكثر ويرتمي في حضنه أكثر.  وهو درس يتكرر مع كل المؤمنين «أي ابن لا يؤدبه أبوه».  «الذي يحبه الرب يؤدبه».  وهو يفعل ذلك «للأجل منفعة لكي نشترك في قداسته» (عبرانيين 12: 10).  وهذه المعاملات التأديبية الأبوية، ستربط المؤمن بالآب أكثر وتجعله يرتمي في حضنه أكثر.  وهذا ما حدث مع داود يوم احترقت صقلغ بالنار وسُبيَ كل ما كان له والشعب قالوا برجمه.  فتواضع تحت يد التأديب وارتمى على الرب، وتقدم ليسأل الرب، فاستجاب له وأعانه وأعطاه النُصرة على الأعداء واسترجع كل ما أخذه العمالقة (1صموئيل 30).  وهكذا رُدّت نفسه وعاد إلى الشركة الصحيحة بينه وبين الرب.  

محب نصيف
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf