2012 117

الطمع يقل ما جُمع

Bookmark and Share

وفي نسخة أخرى يُقال “من طمع بالفوز بكل شيء خسر كل شيء” وبالإنجليزية “grasp all lose all”.  وبالطبع معنى المثل واضح لا يحتاج لشرح.

والطمع هو الرغبة المُلحّة غير المنتهية بأن يمتلك الإنسان أكثر، ماديًا ومعنويًا.

ويوضِّح لنا الروح القدس بشاعة هذه الخطية، بإدرجها في قائمة ما يستوجب الدينونة على العالم في رومية1.  كذلك غالبًا ما ارتبط ذكر الطمع بالنجاسة (انظر أفسس4: 19؛ 5: 3-5).  بل يقول الكتاب صراحة «الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كولوسي3: 5).  فهل أدركنا بشاعتها؟!

ويخبرنا الكتاب المقدس بأصل الداء «مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ:...  طَمَعٌ...  جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (مرقس7: 21-23).

وإذ نقرأ أن الذين «لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ.  مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ...  طَمَعٍ» (رومية1: 28-29)؛ نتعلم أن عدم وجود الله في قلب الإنسان وفي حسبانه يجعله في حالة مستمرة من العطش، يحاول الارتواء بشتى الطرق، فيتم فيه قول الرب «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا» (يوحنا4: 13؛ انظر أيضًا جامعة1: 7 - 8).

ويوضِّح لنا الرب الأمر من وجهة أخرى إذ يقول «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ»؛ أي أن المشكلة أن الإنسان يعتقد أنه يستمد قيمة حياته مما يمتلكه.  ولتأكيد المعنى أكمل الكلام «وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ (ورغم هذا لم يرتوِ)، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً:...  أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي (بناء على فهمه الخاطئ لحقيقة الأشياء): يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ.  اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!  (لكن اسمع تقرير فاحص القلوب عنه) فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ!  هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟  هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا ِللهِ» (لوقا12: 15-21).

فيا ليتنا ندرك أن غنانا الحقيقي ليس بما نملكه، بل هو بالله (إرميا9: 23-24؛ رومية5: 11)!  وعندئذ سنشبع ونقنع بذاك الذي يقول لكل منا «عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ...  أُوَرِّثُ مُحِبِّيَّ رِزْقًا وَأَمْلأُ خَزَائِنَهُمْ» (أمثال8: 18-21).

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf