عرفنا في الأعداد اللي فاتت إن الرب عايز المؤمنين، الرجالة والستات، يكونوا ناضجين أقوياء روحيًا، وتحذير الكتاب من الطفولة الروحية وخطورتها. وبدينا نتكلم على الرحلة من الطفولة للرجولة؛ وأهمية الفطام عن اللي بيعطلنا روحيًا، والتدريب المستمر على التمييز الروحي والأمور الروحية عامةً. وكمان اتكلمنا ع المبادئ اللي بتحكمنا وحساباتنا الروحية. والعدد ده هنكمل كلامنا عن رحلة النضوج.

الصبر

أكيد عندك قصص كتيرة، عن نفسك أو عن غيرك، بتقول إن كتير بنبتدي ولما ما نشوفش نتيجة سريعة بنحبط ومنكملش. وده سر فشل كثيرين، وعشان كده يحرضنا الكتاب على الصبر وطول النفس. فمثلاً في يعقوب ١: ٤ نقرأ «وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ.» (وفي ترجمة تفسيرية ”ودعوا الصبر يعمل عمله الكامل فيكم، لكي يكتمل نضوجكم وتصيروا أقوياء قادرين على مواجهة جميع الأحوال“). فلو زرعت شجرة لازم تصبر سنين عشان تجني الثمر، وإن ربيت طفلاً فعليك الصبر حتى يكبر.

كمان النمو بيصاحبه جرعة من الألم تستلزم الاحتمال، لكن ده أفضل كتير من وضع اللي اتقال عنه «مُسْتَرِيحٌ مُوآبُ مُنْذُ صِبَاهُ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى دُرْدِيِّهِ، (قد قضى موآب حياة مترفة منذ حداثته، كالخمر المستقر على عكره)، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْ إِنَاءٍ إِلَى إِنَاءٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السَّبْيِ. لِذلِكَ بَقِيَ طَعْمُهُ فِيهِ، وَرَائِحَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ» (إرميا ٤٨: ١١). لكن النتيجة النهائية ماكانتش في صفه لأن الحالة دي، والخطايا اللي بسببها، جاتله دينونة مذكورة في الأعداد اللي بعد كده.

السلوك بالروح

غلاطية ٥: ١٦، ٢٢-٢٦ «وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ... وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.»

فالمؤمن الحقيقي نال طبيعة جديدة يوم ما آمن بالمسيح تخليه عنده الإمكانية يعيش زي المسيح. لكن الصدمة الحقيقية لما بنكتشف مع الوقت إن الطبيعة القديمة (الجسد) لسه موجودة فينا وعايزة تعمل أعمالها المذكورة في الجزء اللي فات. فهل فيه حل للصدمة دي؟ أيوه، هو: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ... فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. فعشان نكبر وننضج وتظهر فينا ثمر الروح اللي بيخلينا شبه المسيح ويخلينا مننساقش ورا أعمال الجسد، محتاجين لعمل الروح القدس فينا.

وعشان نبسَّط المعني ونقول الكلام بطريقة عملية، المطلوب إننا نكون في مجال عمل الروح القدس، ونبعد عن اللي يزعله. تصور الوضع كما لو كانت الطبيعة الجديدة نسر بيحب يعيش في العلالي، والطبيعة القديمة زي خنزير غاوي الوحل، والاتنين مربوطين ببعض طالما أنا هنا على الأرض. لو الخنزير اتغذى كويس والنسر لا، هلاقي الوضع رايح للوحل؛ أما لما يحصل العكس، النسر هيقوى ويطير وتبقى الحياة في العلالي .

ومغذيات الطبيعة القديمة زي الخطايا الواضحة مثلاً، لكن في حاجات ممكن تكون في حد ذاتها مش خطية لكن ممكن تكون مغذية للطبيعة القديمة. السوشيال ميديا مثلا لو استعملت في الأغراض الصح ولمدد معقولة مفيهاش مشكلة، لكن لو قضينا اليوم كله عليها وما اتحكمناش في المحتوى اللي بنشوفه؛ طبعا النتيجة سيئة. وأوقات الفراغ، والكسل كانوا من أسباب سقطة داود المؤلمة. ممكن أنواع معينة من القراءات أو المشاهدات تشغل مخي في اتجاه غلط.

أما مجال عمل الروح القدس وفيه غذاء الطبيعة الجديدة وقوتها، فهو في إننا نعيش مدركين إن الله شايفنا كل الوقت وإن حكمه ع الأمور هو اللي يهم. نعيش واحنا بنقول «رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ،» (١ملوك١٨: ١٥). وعمل الروح القدس فينا أكيد بيكون واضح في اجتماع المؤمنين حوالين شخص المسيح. أشجعك على حضور مش بس اجتماعات الشباب لكن اجتماعات الكنيسة، اجتماعات درس الكتاب، اجتماعات الصلاة. كمان وأنت في خلوتك بتصلي وقدام كلمة الله هيعمل الروح القدس كتير جواك.

افتكر دايمًا إن اللي بيتغذي هو اللي بيحدد الطريق والمشوار.

الكلمة

في١ملوك٢: ٢-٣، في نهاية حياة داود، وهو بيوصي سليمان ابنه الوصية الأخيرة قال له: «أَنَا ذَاهِبٌ فِي طَرِيقِ الأَرْضِ كُلِّهَا، فَتَشَدَّدْ وَكُنْ رَجُلاً»، وعشان يشرح له ازاي ده يحصل، كمِّل كلامه وقال «اِحْفَظْ شَعَائِرَ الرَّبِّ إِلهِكَ، إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ، وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، لِكَيْ تُفْلِحَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ.» صديقي.. مش ممكن هتكبر من غير كلمة الله: اقراها.. افهمها.. احفظها.. ادرسها.. عيش بيها.. أتكلم بيها.. خليها تحكم حياتك.. تلقائيًا هتلاقي إنك بتنضج.

الحق والمحبة

وفي أفسس ٤: ١٥ «بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ (بل نتمسك بالحق في المحبة)، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ». فاحنا عرضة في بعض الأحيان اننا نستعمل الحق اللي عرفناه بطريقة ناموسية ندين بيها غيرنا. الكتاب هنا بيوصينا إننا نستخدم الحق في جو المحبة لأن ده اللي هيكبرنا دايمُا.

دي شوية حاجات تساعدك على النضوح. بالتأكيد فيه حاجات تانية أثق أن الرب يكشفهالك. ومتنساش إن النضوج مشوار مش ضغطة زرار. مشوار محتاج مجهود وله تكلفة، لكنه يستاهل، ولا يقارن بتكلفة البقاء في حالة الطفولة.

أخيرًا، أسيبك برضه مع التحريض «اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا» (١كورنثوس ١٦: ١٣).

خد قرار وخد خطوات واتحرك ناحية النضج

وخليك بركة مطرح ما كنت.