هذا أقل ما يمكن أن نعرفه عن الإنسان حينما خلقه الله وأودعه جنة عدن «وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ (تكوين ٢: ١٦ ،١٧)، وكلنا نعرف ما حدث بعد ذلك: «فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ» (تكوين ٣ : ٦)، وهكذا: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» (رومية ٥ : ١٢)، وهكذا دخلت الخطية للعالم ولكل نسل آدم من بعده «فلقد زَاغَ الأَشْرَارُ مِنَ الرَّحِمِ. ضَلُّوا مِنَ الْبَطْنِ، مُتَكَلِّمِينَ كَذِبًا» (مزمور ٣:٥٨)، ويقول داود: «هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مزمور٥:٥١)، وتبدَّل حال الإنسان من حالة البراءة في الجنة إلى كيان فاسد وساقط تسيطر عليه بالكامل الخطية فأصبح الإنسان بحسب كلمة الله:
١. عبد للخطية:
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يوحنا ٨: ٣٤)، ويقول الكتاب في رومية ٦: ١٦: «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟»
٢. عاجز عن طاعة الوصية:
أو ما يسمي في الكتاب بـ “ضعيف”، «لِأَنَّ ٱلْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ لِأَجْلِ ٱلْفُجَّارِ». (رومية ٥: ٦).
٣. مذنب ومتعدي:
والكتاب يتكلم عن الخطية بإنها تعدٍّ على الله أكثر من ٣٢ مرة في الكتاب، ويصف خطايا النسل البشري بإنها تعدي شبه تعدي آدم في الجنة (رومية ٥: ١٤).
٤. خاطئ وخائف:
لقد أخطأ عن الهدف الذي خلقه الله لأجله، وتبدل السلام مع الله إلى خوف من الله! «وَلَكِنَّ ٱللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لِأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لِأَجْلِنَا» (رومية ٥: ٨).
٥. فقد سلطانه على الخليقة:
وأصبحت ٱلْأَرْضُ مُسَلَّمَةٌ لِيَدِ ٱلشِّرِّيرِ (أيوب ٩: ٢٤)، وأصبح لإبليس سلطانًا يسمي َسُلْطَانُ ٱلظُّلْمَةِ (لوقا ٢٢: ٥٣؛ كولوسي ١: ١٣)، وسلطان الموت (عبرانيين ٢: ١٤).
٦. دخول التعب والألم والوجع:
«وَقَالَ (الله) لِلْمَرْأَةِ: تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا.. وَقَالَ لِآدَمَ: .. مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. شَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ... بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا». (تكوين٣).
٧. انفصل الإنسان عن الله:
«بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلَهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ» (إشعياء ٥٩: ٢).
٨. أصبح الإنسان عدو لله:
«لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ،» (رومية ٥: ١٠)، «حَسَبَ ٱلْأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطًا، وَأَعْدَاءَهُ عِقَابًا». (إشعياء ٥٩: ١٨؛ انظر أيضًا إشعياء ٦٤: ٢؛ ٦٦: ٦)، ويسميهم في العهد الجديد «...أَعْدَائِي» (لوقا ١٩: ٢٧، انظر أيضًا ١كورنثوس ١٥: ٢٥؛ كولوسي ١: ٢١؛ عبرانيين ١: ١٣).
٩. أصبح عبدًا للنجاسة والفساد:
«لِأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَٱلْإِثْمِ لِلْإِثْمِ، هَكَذَا ٱلْآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ» (رومية ٦: ١٩). « ٱلْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلَاحًا لَيْسَ وَلَا وَاحِدٌ» (رومية ٣: ١٢).
١٠. تحت حكم الموت الأول والموت الثاني:
«مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهَكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ» (رومية ٥: ١٢)، « وَسَلَّمَ ٱلْبَحْرُ ٱلْأَمْوَاتَ ٱلَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ ٱلْمَوْتُ وَٱلْهَاوِيَةُ ٱلْأَمْوَاتَ ٱلَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. وَطُرِحَ ٱلْمَوْتُ وَٱلْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ. هَذَا هُوَ ٱلْمَوْتُ ٱلثَّانِي. وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ ٱلْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ» (رؤيا ٢٠: ١٣- ١٥؛ انظر أيضًا ٢: ١١، ٢١: ٨). بل أصبح وهو حي يتنفس، ميت في نظر الله!
١١. تحت الغضب وتنتظره الدينونة:
«فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ ٱلْآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ ٱلْغَضَبِ... صَارَ ٱلْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ،» (رومية ٥ :٩، ١٨).
١٢. أصبح ابنًا للشيطان ويتبع مملكة الظلمة:
«َأنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا...» (يوحنا٨: ٤٤)، تكلم الكتاب عن مملكة الظلمة أكثر من ٥٠ مرة، ويصف أن لها سلطان على الذين فيها «سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ» (كولوسي ١: ١٣).
يا له من وضع كارثي حل بالإنسان بسبب سقوطه في الخطية، وأصبح الأمر معقدًا فهو لا يقدر أن يخلص نفسه ولا يستطيع أن يخلص أخيه؛ لأننا كلنا نعاني من نفس العلة. لذلك أصبح الأمر متعلقًا برجاء أن يأتي المخلِّص من هذه الحالة من خارج أرضنا، فكلنا في احتياج لمخلص يستطيع أن يتعامل مع وضع الإنسان كما يبين الجدول الآتي: