2022 176

أما أنت

Bookmark and Share

كلمة كتبها الرسول بولس لابنه تيموثاوس أربع مرات في رسالتيه له. بعد أن وجهّ نظره إلى صفات الناس في الأزمنة الأخيرة (١تيموثاوس)، والأيام الأخيرة (٢تيموثاوس)، والشرور التي انغمس فيها الناس وتركوا الرب والإيمان به وبكلمته. وكأنه يقول له: يا تيموثاوس أنت مختلف عن كل من هم حولك. هُم شيء وأما أنت فشيء آخر. هُم في العالم ومِن العالم ويبحثون عما هو أرضي. وأما أنت فلست من العالم، ولكنك فيه لهدف وغرض ورسالة. أنت مميَّز ومنفصِل ومخصَّص لله.

صديقي القارئ: إن كُنا كثيرًا ما نسمع، ونقول إننا في الأيام الأخيرة، وما نقرأه عنها في الكتاب المقدس، نراه ونلمسه حادث بيننا، وفينا أيضًا؛ ولكن هل يترك الله نفسه بلا شاهد؟ ألا يوجد أفراد أمناء للرب ومخصصين ومنفرزين له؟ إن كنت ترى وتلمس حالة الضعف العام، بل وعدم الأمانة الجماعية وسط الكنيسة التى تنتمي إليها، هل هذا مبرر للتساهل في الحياة الروحية، والانغماس في الأمور العالمية؟ أقترح عليك أن ترفع اسم تيموثاوس من الرسالتين وتضع اسمك ثم تقرأ وتأخذ الكلام موجهًا من الرب لك أنت شخصيًا وهو يشير إليك بالقول ”أما أنت“. وذلك قبل أن تقرأ باقي الكلمات التي سأكتبها بمعونة الرب.

لنضع المرات الأربع لكلمة ”أما أنت“ في عناوين لسهولة معرفتها

١– «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ الله» (١تيموثاوس٦: ١١): إنسان الله من هو؟ وما له وما عليه؟

٢– «وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي» (٢تيموثاوس٣: ١٠): التعليم، ما هو وكيف نتبعه؟

٣– «وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ» (٢تيموثاوس٣: ١٤): ماذا نفعل بما نتعلمه؟

٤– «وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (٢تيموثاوس٤: ٥): في زمن وحالة نعس ونام فيها الجميع.

والآن لنمر على هذه العناوين الأربعة بشيء من الإيضاح.

١- أما أنت يا إنسان الله

”إنسان الله“، ورد هذا اللقب في العهد الجديد مرتين: «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ» (١تيموثاوس٦: ١١). ثم «لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ» (٢تيموثاوس٣: ١٧). وهناك مرة ثالثة أشار فيها الرسول بطرس إلى كتبة الوحي الذين استخدمهم الروح القدس بأنهم أناس الله القديسون (٢بطرس١: ٢١).

من هو؟ هو من يقف فى صف الله ويمثِّله كمن ينوب عنه وسط الناس. وكان يسمى رجل الله في العهد القديم ويطلق كثيرًا على رجال موكولة لهم مهام خاصة من الله.

كيف تصبح إنسان الله؟ لم نقرأ عن تيموثاوس أنه اجتاز مراحل دراسية معينة، أو تهذَّب بحكمة بشرية، أو تعلم عند أحد المعلمين. بل نقرأ أنه ارتبط بالكتاب المقدس منذ طفولته من خلال أمه وجدته «وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ». ثم تأتي الآية الشهيرة عن وحي الكتاب المقدس وكيف أنه نافع لكل شيء ومتى قرأناه وحفظناه وتبعنا تعليمه يصير كل منا ”إنسان الله“ النافع في كل عمل موكول له من الله. «كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،  لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ » (٢تيموثاوس٣: ١٥-١٧).

وهنا اسمح لي صديقي القارئ أن أسألك بعض الأسئلة: هل لك كتابك المقدس الخاص بك؟ هل تقرأ فيه بانتظام؟ هل تخرج بشيء مفيد لك من الفصل الذي قرأته؟ إن كان ما قرأته يقدِّم تعليمًا عن شيء معين أو توبيخًا لخطية أو سلوك معين أو عن إصلاح خلل ما في الحياة؛ هل تأخذ الكلام لك شخصيًا وتخرج بشيء نافع ومفيد لحياتك؟ أقول لك هنا فقط أنت عشت ما قاله النبي إرميا عن الكتاب المقدس «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي» (إرميا١٥: ١٦). هذا إن كنت تريد أن تكون بحق إنسان الله.

إنسان الله وماذا يفعل:

١- يقول بولس لتيموثاوس: «وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا» ما هو ”هذا“ الذي يشير إليه الرسول بولس؟ في الجزء السابق لآيتنا (ع٣–١٠) نجد بعض صفات للناس وهي:

متصلف ع٤: أي يدعي المعرفة أو متكبر. متعلل (علة أو مرض) بمباحثات ومماحكات الكلام: أي الدخول في مجادلات عقائدية بعيدة عن كلمة الله وهذا يسبب الحسد والخصام. الذهن الفاسد: أي أن تفكيره لا يعمل أدبيًا وروحيًا بشكل يتجاوب مع كلمة الله. يظنون أن التقوى تجارة: أي أنهم يستغلون مركزهم الديني كوسيلة تربح وتحصيل المال. محبة المال: ليس المال، بل محبته والسعي المجنون وراءه بجشع وجمعه هو الهدف الرئيسي للحياة، هذا مصدر للفساد والسرقة والإدمان والرشوة وعلة الانحراف لكل شر، وأخيرًا الضلال عن الإيمان.

هذا ما كان على تيموثاوس أن يهرب منه. والهروب هو تنبيه من خطر قادم لو وضع أحد رجله فيه سينزلق وينحدر إلى الهلاك. هذا حتى يكون أمامه المجال لتنمية الصفات المسيحية الحقيقية التي تؤهله ليقوم بخدمته بطريقة صحيحة.

٢- اتبع هذا: من يمثل الله عليه أن يتبع أمور مختلفة وهي الفضائل التي ينشئها الروح القدس فيه وبها يمجد الله ويقدمه للعالم وهي: البر: السلوك العملي مع الآخرين. التقوى: الشركة مع الرب والمؤسَّسة على مخافته. الإيمان: الذي يتمسك بالأمور غير المنظورة. المحبة: هي صفة الله نفسه، وهي التي يجب أن تكون الصفة البارزة في المؤمن. الصبر: الذي يغلب الحاضر وينتظر تحقيق الرجاء. الوداعة: الروح الوديع الذي نتعلمه من الرب.

صديقي القارئ: إن المسيحية هي دعوة من الله للإنسان ليأخذ الحياة الأبدية بإيمانه بالرب يسوع الذي مات لأجله على الصليب. ثم يمثل الله أثناء حياته على الأرض. وهذه هي التجارة الرابحة. فهل أنت كذلك؟

وللحديث بقية.

معين بشير
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf