2020 166

صاحب الصنائع السبع لا يتقن أي صنعة

Bookmark and Share

مثل إنجليزي شهير نَصّه بالإنجليزية:
a jack-of-all-trades is master of none. يُقال عمن يعتقد في نفسه الكفاءة في كل شيء وأنه خبير في كل شيء. كما يُقصد به الإشارة لقيمة التخصص، فمع أن لكل واحد بعض الأمور التي يتقنها ويتميز في آدائها إلا أنه لا يوجد من يستطيع فعل كل شيء بكفاءة. فنحن بشر محدودون. وإن كان هذا المثل لازم منذ القديم إلا أنه صار أكثر أهمية اليوم. ففي زمن الإنترنت والفضاء الافتراضي، أصبح الوهم السائد أنه يمكنني أن أتقن عمل أي شيء وأصبح خبيرًا به، بمجرد البحث عنه على جوجل أو ما أشبه. وزاد من هذا الوهم ما تزرعه الألعاب الإلكترونية في الرؤوس من كفاءة ليست في أرض الواقع، وكذلك التنافس المحموم لادعاء الكفاءة الدائر على مواقع التواصل!

أما عن الواقع، فهو أنه لكل واحد عمله الذي جهَّزه الله لعمله بإتقان بينما لن يتقن أمورًا أخرى. ولهذا قصدٌ - في اعتقادي - لكي يشعر الناس بأهمية كل واحد؛ فيتكاملوا ويتعاونوا معً على جعل الحياة أفضل. وفشل الناس في هذا يولد الحسد والخصام والصراعات بل والحروب!

وإن كان هذا صحيح على مستوى البشر عمومًا فهو لازم بين المؤمنين. اسمع ما يقوله الكتاب عن المؤمنين الذين يشكلون جسد المسيح الذي هو الكنيسة:

«فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ... وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ: ”لأِنِّي لَسْتُ عَيْنًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ“. أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟ لَوْ كَانَ كُلُّ الْجَسَدِ عَيْنًا، فَأَيْنَ السَّمْعُ؟ (فلكل واحد تميزه وعمله) لَوْ كَانَ الْكُلُّ سَمْعًا، فَأَيْنَ الشَّمُّ؟ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ الأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ (فهو المصمِّم الأعظم). وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟ ... لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ: ”لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!“، أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ: ”لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!“ (فكل عضو في حاجة للآخر). (ولنسمع المبدأ الهام:) بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ. وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ... لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ، (والغرض الهام) لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. (وأجمل تعبير عن ذلك:) فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ» (١كورنثوس١٢).

ليت كل منا يبحث عن فكر الله تجاهه، ويفعل ما صممه لأجله. وليتنا نفرح لاستخدام الرب لإخوتنا أيضًا.

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf