2008 93

برية صتن و الحية النحاسية

Bookmark and Share
طالت مدة تيهان الشعب في برية صين - وهي قادش - إلى 38 سنة، وهم يدورون بجبل سعير إلى أن قال لهم الرب «كفاكم دوران بهذا الجبل» (تثنيه 1: 1-7). حتى فنى من هذا الجيل رجال الحرب، كما أقسم الرب، بعد حادثة إرسال الجواسيس. وهنا بدأ الشعب في التحرك من قادش، في خطوات سريعة، مرورًا بمحطات كثيرة نذكر منها:

محطة قادش: وعندها ماتت مريم أخت موسى ودُفنَت هناك. وهناك تذمَّر الشعب من أجل الماء، فأمر الرب موسى أن يكلِّم الصخرة، إلا أنه ضربها بالعصا، مما جعل الرب يحرمه هو وهارون من دخول الأرض لأنهما لم يؤمنا بالرب ويقدساه أمام أعين بنى إسرائيل (عدد20: 1-13).

محطة جبل هور: هناك أخذ موسى هارون وألعازر ابنه، حسب قول الرب، وصعد بهما إلى جبل هور وخلع عن هارون ثيابه وألبس ألعازار ابنه اياها، ومات هارون هناك على رأس الجبل (عدد 20: 22-29).

محطة صلمونة: هناك ضاقت أنفس الشعب، وتكلموا بكلمات صعبة على المن، طعام السماء، وقالوا عنه هو طعام سخيف وقد كرهناه (عدد21: 5).

وهنا نرى قلب الإنسان المملوء بالخطية والنتائج التي حصدها. وقلب الله الذى دبَّر العلاج لقلب الإنسان ونتائج خطاياه.

الحية النحاسيه
لم يرضَ الشعب بالمن وماء الصخرة، فقالوا «لا خبز ولا ماء». فأرسل الرب الحيَّات المُحرِقة، ولدغت الشعب؛ فمات قوم كثيرون. وهذا يذكِّرنا بآدم في الجنة حين جاءت الحيه ولدغته هو وحواء بسم الخطية، فصار تحت حكم الموت. لكن الله أتى له بالعلاج الممثَّل في الأقمصه الجلدية (تكوين 3).

الحية المميتة
«فلدغت الشعب»، أى أن كل الشعب أصبح ملدوغًا! وهنا صورة لحقيقه وهي «بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (رومية5: 12). وهنا أمر مهم يجب أن ننتبه له، وهو أن الإنسان لا يُحسب خاطئًا عندما يسقط في الخطية؛ بل إنه مولود بها! وهذا ما كتبه داود «هآنذا بالإثم صُوِّرتَ، وبالخطية حبِلت بي أمي» (مزمور51: 5)، كما أضاف «زاغ الأشرار من الرحم؛ ضلّوا من البطن» (مزمور58 :3). ولأن الأصل فاسد؛ فالطبيعي أن يكون الثمر أفسد.

الحية المحيية
أمامنا أهم رموز العهد القديم، وهذا ما أشار إليه الرب نفسه «وكما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغى أن يُرفع ابن الإنسان؛ لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: 14، 15). والحيه النحاسية رمز للرب في الآتي:

1-خالية من السم: والمسيح أُظهر لكى يرفع خطايانا وليس فيه خطيه (1يوحنا 3: 5). لقد جاء المسيح وصار إنسانًا؛ ليحتمل في جسده غضب الله على الإنسان بسبب الخطية، ويدفع أجرة خطايانا، ويحمل اللعنة إذ صار لعنةً لأجلنا.

2-مصنوعة من النحاس: النحاس من أكثر المعادن احتمالاً لقوة النيران، وفيه نرى دينونة الله للخطية. وهذا صورة للدينونة التي احتملها المسيح على الصليب.

3-دخولها النار لتشكيلها: والمسيح على الصليب تم فيه ما جاء بالنبوة: «تطلعوا وانظروا: إن كان حزن مثل حزني الذي صُنع بي، الذي أذلَّني به الرب يوم حموِّ غضبه. من العلاء أرسل نارًا إلى عظامي، فَسَرَت فيها» (مراثي1: 12، 13).

4- وضعها على راية: هذا لتكون ظاهرة للجميع. والرب يسوع رُفع على الصليب على جبل الجلجثة.

5-الحياة لكل من ينظر إليها: قد يكون وُجد بين الشعب من لم يصدِّق، فقال: ما علاقة حية من نحاس بسمٍّ يسري في جسدي؟ والآن ما أكثر الذين لم يصدٍّقوا أن الإيمان فقط بالمسيح المصلوب يعطي حياة أبدية!

الملدوغ وماذا يفعل

1- يعترف: «قالوا: قد أخطأنا». وهنا بداية طريق الرجوع والإيمان؛ أن تعترف: “قد أخطأت.. انا الخاطىء”. وإن اعترفت بخطاياك؛ فالمسيح يغفر ويطهِّر.

2- يشعر: طبيعي ألا يصرخ إلا من يشعر بوجود السم في جسده. وأنت لا بد أن تُقِّر بهذا «ليس ساكنًا فيَّ - أي في جسدي - شيء صالح». ولا تنظر لأعمالك التي تظن أنها صالحة؛ لأن ما يخرج من كيان فاسد يكون فاسدًا. «وقد صرنا كلّنا كنجس وكثوب عدة (خرق نجسة) كل أعمال بِرّنا» (إشعياء 64: 6).

3- ينظر: وهذا كل المطلوب؛ نظرة إيمان للمصلوب، كما فعل اللص المصلوب، والذى لا يملك إلا النظر والكلام. لقد نظر بعينيه، وطلب بلسانه؛ فبات ليلته في الفردوس. وإليك دعوة الرب «التفتوا إليَّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض» (إشعياء45: 22).

4- غرض النظر: «نظر إليها». كان على الملدوغ لا أن ينظر إلى نفسه، أو يبحث عن الحيه التى لدغته، أو يستنجد بموسى أو هارون أو أحد الكهنة؛ بل يولّي نظره إلى العلاج الإلهى «لا تتكلوا على الرؤساء، ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده» (مزمور146: 3).

الأمر شخصي: أي أن كل إنسان هو مسؤول عن نفسه أن يكون له اتصال شخصي ومباشر مع علاج الله.

هبة وعطية مجانية: «من يؤمن بالابن له حياة أبدية»، وهي هبة مجانيه من الله (رومية 6: 23). وهذه الحياة ليست استمرارية للحياة الأولى، بل صنف حياة يؤهِّلنا أن نكون لله أبناء، وللمسيح عروس، وللروح القدس مسكن.

عزيزى القارىء.. هل عرفت من أنت؟ وهل اعترفت؟ وهل نظرت لمن مات عنك؟ وهل تحصَّلت على الحياة الأبدية من المسيح؟ ليتك تكون قد فعلت.
معين بشير
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf