2020 164

على رأي المثل

Bookmark and Share

مثل شعبي مصري أصيل، يرسي مبدأً من تلك التي تتحكم في عقلية المجتمع بأكمله. فقد نشأنا على دائرة راحة نجدها في “المعتاد”، ما تدرجنا في الحياة عليه ورأينا دوائرنا المقرَّبة تأنس إليه. وقد نشأ لدينا - كمجتمع شرقي - مقاومة شديدة للتغيير، حتى وإن جاهرنا بغير ذلك.

في دوائر معينة وأمور محددة قد يكون هذا المبدأ صحيحًا؛ فهو يدعونا للتعلم من والدين تقيين أو أفاضل رأينا ثمارَ حياتهم، أو احتذاء أمثلة طيبة وقدوة ناجحة. لكن خطورة هذا المثل تكمن في أن نعتبره مبدأً مطلقًا يحكم كل الحياة. ولنفهم الفكرة دعوني أذكّر نفسي بأني قبل الإيمان كنت أعرف الخطية جيدًا ولا أعرف البِرّ، بعد الإيمان عرفت أن ما لم أكن أعرفه هو الأفضل. والآن أنا أعرف هذا العالم بما فيه ولم أعرف بالكامل السماء المعدَّة لنا، ولا شك أن الأفضل أوضح من كلمة الله.

وعلينا أن نعي أن التغيير أمر لازم في الحياة الروحية. اسمع قول الكتاب «خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ (بصفة مستمرة) لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ» (كولوسي٣: ٩-١٠). «وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، (والنتيجة المباركة) لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ» (رومية١٢: ٢). فالله يريد أن يأتي بنا من حالتنا الطبيعية الفاشلة حتى نكون «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رومية٨: ٢٩)، فلا عجب إن استمر يجري فينا تغييرًا وراء تغيير مدة العمر كله.

لقد غيَّر الله كثيرين معلنُا ذلك بتغيير اسمائهم كأبرام الذي دعاه إبراهيم، وسمعان الذي دعاه بطرس. على أن أوضح مثل هو يعقوب الذي دعاه إسرائيل (أي الذي يأتمر بأمر الله). والمتتبِّع لقصته يعرف الفارق الكبير بين بداية القصة ونهايتها، ما بين المخادِع لأخيه وأبيه والمبَارِك حتى للبعيد. لكن متابعة القصة أيضًا توضح لنا التكلفة الغالية للتغيير؛ لقد تركه يصطدم بنفسه وقراراته والمقرَّبين منه، لكن الله أيضًا اضطر لكسره في مخاضة يبوق (تكوين٣٢)، واستمر معه لم يتركه حتى تمم التغيير فيه بأروع صور. وما أروع صنعة إله يعقوب، و«طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ» (مزمور١٤٦: ٥). إنه الإله المستعد أن يغيرك من كل نقصاتك ليتمم بك قصده العظيم. فهل ترغب؟! وهل أنت على استعداد لتحمّل التكلفة؟! أم تريد أن تبقى على حالك (إرميا٤٨: ١١-١٣)؟

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf