2019 158

وظائف المسيح

Bookmark and Share

كل موضوع نتناوله يكلمنا عن شخص ربنا يسوع أو أعماله، أو أقواله، أو أي ناحية من نواحي حياته، أو موته، أو قيامته؛ هو - بلا شك - موضوع ثمين للغاية يستحق من كل من يعرف المسيح، أو يبحث عن معرفته، كل الاهتمام.

لذا أدعوك عزيزي القارئ أن نتأمل سويًا بنعمة ومعونة الرب في بعض جوانب أعمال وخدمة الرب يسوع المسيح، والتي يمكن تسميتها:

وظائف المسيح

قال، له المجد مرة «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ» (يوحنا٥: ١٧). فلمن عمل ولا زال يعمل؟! يا للعجب! ففي موته وقيامته وجلوسه في يمين العظمة في الأعالي هو لأجلي ولأجلك عزيزي القارئ.

فعن موته وقيامته يقول الكتاب المقدس «الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا» (رومية٤: ٢٥). والآن هو حي لحسابنا وأيضًا «وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي» (يوحنا١٧: ١٩). فماذا يعمل الرب الآن؟ دعونا نجيب بتساؤل: ماذا يحتاج الإنسان بصفة عامة، أو المؤمن بصفة خاصة الآن؟ ومهما تعددت الإحتياجات ففي المسيح ما نرجو وأكثر.

بعض الاحتياجات:

الإنسان الذي هو في جانب العداء والبعد عن الله يبحث عن من يتوسط له ويصالحه مع الله. وهنا نجد الرب يسوع كالوسيط.

والمؤمن المعرَّض للتجارب والضيقات وهو يسلك في هذا العالم، يحتاج لمن يرثي له ويعينه. وهنا نجد الرب في خدمته كرئيس الكهنة العظيم.

وأيضا، وبسبب الطبيعة القديمة التي ما زالت فينا، معرضون للسقوط والزلل، وهنا تأتي خدمة الرب كالشفيع.

ونعلم أننا في برية هذا العالم لا مصدر يشبعنا أو يروينا أو يسد أي احتياج لطبيعة جديدة صارت لنا. وهنا تأتي خدمة الرب يسوع كراعي الخراف العظيم.

والآن لنتأمل في عمل الرب يسوع الأول

الوسيط

الإنسان - منذ القِدَم - يبحث عن من يصالحه مع الله. ولنا في الكتاب المقدس مثال. ليس هو شخصًا عاديًا كباقي البشر، بل هو من شهد الله عن كماله وبره واستقامته وتقواه. ومع هذا، عندما تأمل في قدرة وقداسة الله وكماله، شعر أنه محتاج لمن يصالحه مع الله. اقرأ معي ما قاله أيوب «وَلَوِ اغْتَسَلْتُ فِي الثَّلْجِ، وَنَظَّفْتُ يَدَيَّ بِالإِشْنَانِ، فَإِنَّكَ فِي النَّقْعِ تَغْمِسُنِي حَتَّى تَكْرَهَنِي ثِيَابِي... لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا» (أيوب٩: ٣٠-٣٣).

المسيح الوسيط الوحيد

«لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ» (١تيموثاوس٢: ٥-٦). «... وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ» (عبرانيين١٢: ١٨-٢٤). الكتاب المقدس واضح في إعلان من هو الوسيط. ولكي لا تختلط الأمور عند أحد أعطانا صفات الوسيط. وهنا نكتفي بالآية الأولي فقط.

صفات الوسيط

١- إنسان: يقول البعض: لا أستطيع من ذاتي التقرب إلى الله مباشرة، بل أحتاج لإنسان قريب من الله، ويعرف ضعفي ويعطف عليَّ ليقوم بهذا الدور. لذا جاء المسيح في صورة إنسان، لكن يختلف عن كل البشر لأنه قدوس، وإن كان من الناحية الظاهرية إنسانا، إلا إنه في الجوهر هو الله، فالإقتراب منه هو إقتراب من الله. أليس شيئًا عجيبًا وعظيمًا أن يكون في حضرة الله هناك على العرش “إنسانًا” لأجلنا!

٢- بذل نفسه: لا يوجد إنسان نفسه ملكه لكي يقدمها إلا الإنسان يسوع المسيح. فقد قال لبيلاطس وقت المحاكمة «لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا» (يوحنا١٠: ١٨).

٣- قدم نفسه كفّارة: كلمة كفارة لها معنيان فيهما علاج لكل ما فعلته الخطية، فهي أهانت الله، وعرت الإنسان. والكفارة تعني: ترضية لله، وتغطية للإنسان. فأي شخص، وأي شيء يستطيع عمل هذا؟ لا يوجد إلا شخص الرب يسوع الذي قدمه الله ليقوم بهذا العمل. فلله قال المسيح «أنا مجدتك على الأرض» (يوحنا١٧: ٤). وعن الإنسان قال النبي «ألبسني ثياب الخلاص» (أشعياء٦١: ١٠).

٤- الوسيط أو المصالح ليس طرفا ثالثًا: لو رجعنا لكلام أيوب نجد أنه لم يقل “يضع يديه” بل «يضع يده»، أي يد واحدة توضع على الله والإنسان، فكيف هذا؟! من هنا نفهم أن المصالح والوسيط ليس طرفا ثالثًا يتداخل بين الله والناس. فالإنسان التراب والنجس لا يستطيع أن يقترب من قداسة الله العالي والمرتفع ليضع يده عليه. وهنا قام الله بنفسه بهذا العمل. وهذا ما نقرأه في العهد الجديد «وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ» (٢كورنثوس٥: ١٨، ١٩).

عجز الجميع ملائكة أو بشر: فأعظم الملائكة لا يستطيع القيام بالوساطة؛ لأنهم خلائق محدودة لا تستطيع التطلع إلى الله إذ هم يغطون وجوههم وأرجلهم أمام الله (إشعياء٦). والبشر في كل تقواهم وبرهم (كما رأينا في أيوب) في حقيقتهم ليسوا كاملين، بل بحسب الطبيعة خطاة مثلنا وتقدسوا وتبرروا بدم المسيح، وفي ذات الوقت، أحياء كانوا أو أموات هم محدودين في المكان والمعرفة والإدراك والعطاء. فلا يستطيع أحدهم سماع دعاء كل الناس والإلمام بأحوالهم والإستجابه لطلباتهم.

عزيزي القارئ: لا يوجد بالكتاب المقدس وعد من الله بقبول وساطة أحد. ولم يترك لنا اختيار ما نراه من البشر أو الملائكة ليتوسط لنا أمامه. بل عيَّن هو الوسيط الوحيد ربنا يسوع المسيح الذي قدم نفسه على الصليب ليحمل خطايانا ويسدد ديننا. فهل قبلته مخلصًا وفاديًا لك؟

معين بشير
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf