2018 154

لا منه ولا كفاية شره

Bookmark and Share

مثل شهير بالعامية المصرية. يُقال في شخص بدلاً من أن يكون نافعًا فيجني الناس “منه” خيرًا، فإنه يفعل الشر الذي لا يستطيعوا أن يتقوه أو “يكفّونه (يوقفونه)” عنه. إن أبسط قواعد الأخلاق تتوقع أن يكون الإنسان خيِّرًا لا يفعل الشر. لكن للأسف أن الإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعيش مثل هذه الحياة. لكن عندما يقبل الرب يسوع بالإيمان الحقيقي في قلبه يتغير الحال تمامًا. فهل حدث لك هذه التغيير؟! إن كان لا فاطلبه الآن منه.

أما بالنسبة للمؤمنين الحقيقين فإنه من القديم وكلمة الله تقول لهم ليس ألا يفعلوا الشر فحسب بل أن يبغضوه. «يَا مُحِبِّي الرَّبِّ، أَبْغِضُوا الشَّرَّ» (مزمور٩٧: ١٠)، ولا يمكن التوفيق بين حب الرب وحب الشر. كذا يقول الكتاب إن «مَخَافَةُ الرَّبِّ بُغْضُ الشَّرِّ» (أمثال٨: ١٣). فليس من المستغرب أن يكون أحد أوصاف الشرير أنه «لاَ يَرْفُضُ الشَّرَّ» (مزمور٣٦: ٤)، وأن «وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ» (مزمور٣٤: ١٦).

ونحن لسنا مدعوون فقط لبغضة الشر بل تأمرنا كلمة الله «امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ»؛ فما نشتبه في أنه شر لا بد أن نمتنع عنه. أشياء من قبيل مزاح جارح للآخرين، أو عدم مراعاة حقوق الآخرين، أو بعض الكلمات التي اعتاد الناس أن يستعملوها دون التدقيق في معناها؛ تقع تحت هذه القائمة. لذا فالكلمات السابقة يسبقها التحريض «امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ» (١تسالونيكي٥: ٢١-٢٢).

وليس فقط يدعونا الكتاب سلبيًا أن نكره الشر بل يقرن هذا بشيء إيجابي، إذ يقول «كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ» (رومية١٢: ٩).

يُقال عن الرب يسوع «الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ» (تيطس٢: ١٤؛ انظر ٣: ٨)، وبما أن المؤمنين الحقيقيين يستمتعون ببركة النصف الأول من هذه العبارة؛ فعليهم أن يمتعوا مخلِّصهم بأن يرى النصف الآخر متحققًا فيهم: أن يتسابقوا في عمل الخير. ودعونا لا ننسى أننا «نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أفسس٢: ١٠).

في قصة جميلة في الكنيسة الأولى نرى مثالاً لذلك في واحدة اسمها «طَابِيثَا»، قيل عنها «هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا». حدث أنها «مَرِضَتْ وَمَاتَتْ»، فأرسلوا لبطرس بشأنها، فلما أتى «وَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابًا مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ» (أعمال٩: ٣٦-٣٩). لقد كانت نافعة للناس حولها. فهل أنت كذلك؟!!

في الختام، لنتذكر القانون الذي لا يمكن خرقه «إِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا». ويستدرك الرسول بولس نصيحته بالقول «فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ» (غلاطية٦: ٧-١٠)

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf