2016 138

سندريلا إفريقيا

Bookmark and Share

هي النيجيرية “أولاجوموكي أوريساجونا” صاحبة ال٢٧ ربيعًا، متزوجة وأم لطفلين ومن أسرة فقيرة ماديًا، تعمل بائعة خبز في شوارع مدينة لاجوس بنيجيريا.. فكيف حصلت على لقب “سندريلا أفريقيا”؟!

بدأت قصتها مع هذا اللقب وهي تمارس عملها اليومي. وفي ذات يوم قامت مصورة من أصول نيجيرية تدعة “تي واي بيلو” بزيارة مدينتها للقيام ببعض جلسات التصوير هناك.

وبعد العودة إلى بريطانيا، تفحَّصت الفنانة صورها، وفي واحدة منهم ظهرت بائعة الخبز بالصدفة وهي تسير في الشارع لبيع الخبز للمارة. دقَّقت المصورة “بيللو” النظر في الصورة وأعجبتها ملامح البنت الإفريقية، مما دفعها لنشر صورتها على موقع الصور الشهير إنستجرام للبحث عن الفتاة. وأرفقت على صورة الإنستجرام القول: “لقد مرّت بالصدفة بينما كنت أصوِّر، إنها يجب أن تكون ‘موديل’ بكل تأكيد. سأكون سعيدة إذا ساعدتها بعمل ملف دعائي لها إذا أرادت”.

وبالفعل استطاعت التعرف عليها، وذهبت خصيصا للالتقاء بها في نيجيريا. وهناك أخبرتها عن عملها، وأقنعتها بالدخول في مجال عرض الأزياء. قامت بيللو بتصوير فيلم وثائقي صغير عن أولاجوموكي واستخدمت علاقاتها لإظهارها على غلاف واحدة من أشهر مجلات الأزياء في أمريكا. لم تَمضِ أيام طويلة حتى ظهرت أولاجوموكي في جلسة تصوير أزياء رفيعة المستوى مع بنتها الصغيرة جراس، البالغة من العمر ١٤ شهرًا، ثم وقَّعت عقدًا مع إحدى وكالات الأزياء المشهورة.

قارئي العزيز، أعتقد إنك تتفق معي إن تلك الفتاة الفقيرة أولاجوموكي ستعيش بقية عمرها مديونة لعيون وثقة الفنانة الرائعة “بيللو” والتي رأت فيها إمكانيات رائعة يمكن استغلالها بصورة أنسب من مجرد بيعها للخبز، وبالتالي غيَّرت مسار حياتها من حياة الفقر والعناء إلى حياة الشهرة والغنى، حتى تصدَّرت الصفحات الأولي لكثير من مجلات الأزياء العالمية. هنا أتذكر سيدي ومخلّصي المسيح الذي رأي فينا «لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا» (متى١٣: ٤٦). فنحن كنا مُلقين على قارعة الطريق نصرخ «ليس لي إنسان»، حتى جاء الرب يسوع بالجود والمحبة والإحسان. لذا دعنا نرنم مع المرنم:

جبتني من المزابل


وصنعت لي اسم جديد

وكنت راجع وقابل


تقبلني ضمن العبيد

قلــبي أســيــر..


قلــبي أســيــر نعمتك

أريد أن أشاركك عزيزي القارئ بثلاث أفكار أساسية من خلال قصتنا:

١-عين أعظم فنان

أقصد بأعظم فنان هنا إلهنا القدير الذي قال لإرميا قديما: «قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ» (أرميا١: ٥). فهو خالق الإنسان وعارف جبلته وله نظرة تختلف تمامًا عن نظرتنا ومعاييرنا نحن البشر «لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ» (١صموئيل١٦: ٧). وإليك بعض الشخصيات التي نظر ذلك الفخاري الأعظم فأخرج منهم إناء للكرامة نافع لخدمة السيد:

  • رأي موسي وهو رضيع ملقى في سفطٍ على سطح الماء، وحتى عندما كبر وأدرك حقيقته بإنه «ليس صاحب كلام»، فجعل منه قائد لشعب الله واختاره ليكون كليم الله.
  • رأي جدعون الأصغر في بيت أبيه وهو يخبط حنطة للشعب، فجعل منه قاضٍ لشعبه وأعطاه انتصارات عظيمة.
  • رأى داود وهو يرعى الغنم، وقد كان الأصغر بين إخوته والمهمَّش من أبيه. فجعل منه مسيح الرب ملك شعبه. والأعجب أن من نسله أتى ملك الملوك ورب الأرباب الرب: يسوع المسيح، حسب الجسد.
  • رأي بطرس وهو مجرد صياد للسمك، فصيَّره صيادًا للنفوس وتلميذًا ليسوع المسيح بل ومن كتبة الوحي المقدس.
  • رأي شاول وهو يضطهد ويفتري على كل من دُعي عليه اسم المسيح، وهو ينفث تهديدًا وعارًا وقتلاً. لكنه في نعمته أقامه ليحمل راية اللإنجيل، وجعله إناءً يحمل اسم يسوع المسيح عاليًا أمام أمم وملوك كثيرة.

    عزيزي، إذ كنت تحمل نظرة سطحية لنفسك ولا تجد معنى أو قيمة حقيقية لحياتك، ليتك ما تحوِّل عينك عن نفسك وعمن هم حولك وتلتفت إلى يسوع، فهو الوحيد القادر أن يعوِّضك كل ما فات، ويعطيك جمالاً عوضًا عن الرماد.

    ٢- صدفة أم ترتيب الأزمان

    كثيرون قد ينظرون إلى أولاجوموكي على إنها محظوظة، وقد لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في تغيير مسار حياتها. لكن، دعني أؤكِّد لك إن أولاد الله يثقون تمامًا في صلاحه وحكمته، ويؤمنون به كصاحب السلطان الوحيد على حياتهم، بكل أوقاتها وتفاصيلها. لم يكن على سبيل الصدفة أبدًا أن ينسى رئيس السقاة يوسف لمدة سنتين ويتذكره في ليلة أرق فرعون، حتي يُطلق سراحه في تلك الليلة (تكوين٤١). لم تكن للصدفة أن تلعب دورها لإنقاذ حياة مردخاي من الموت في نفس الليلة التي طار فيها النوم من عين الملك نبوخذ نصر لولا أن «الرَّبُّ فِي الْعُلَى أَقْدَرُ» ويستطيع أن يقلب الأمور رأسًا على عقب (أستير٦).

    لذا دعنا يا صديقي نُثبِّت عيوننا على الرب القدير، واثقيين فيه لأن «لكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ» (جامعة٣: ١).

    ٣-تغيير لم يخطر على الأذهان

    أعتقد أن التغيير في حياة أولاجوموكي لَهو تغيير واضح وملموس لأي شخص. فكيف لفتاة تعمل في الشارع أن تصير شخصية مشهورة تتصدر غلاف العديد من المجلات العالمية وتنهال عليها العروض والدولارات. كل هذا التغيير سببه الرئيسي هو عيون تلك المصورة الماهرة التي رأت في بائعة الشارع شخصية مميَّزة بمؤهلات خاصة.

    هذا هو تمامًا ما يحدث مع الكثيريين بمجرد التقائهم بالرب يسوع المسيح، بالإيمان في قلوبهم. فيتم التغيير في كل جوانب الحياة من كلام، أفكار، علاقات، حتى العلاقة معه تصير أعمق وأقوى إذ صار المخلِّص والراعي للحياتهم. «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا» (٢كورنثوس٥: ١٧).

    صلاة

    سيدي الغالي المسيح.. لقد بحثت عني في كل مكان، حين كنت مقيَّدًا بالخطايا وفيها مُهان، جئت إليَّ بالجود والاحسان، فأعَدتَ لي قيمتي كإنسان، ومنحتني الحرية والأمان.. بل وجعلت قلبي بك دائمًا فرحان. لذا ساعدني ليكون لك على حياتي كل السلطان.


بيتر صفا
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf