1993 1

مبادئ وقوانين

Bookmark and Share
جلس الشاب إلى جوار صديقه الشيخ الذى كثيراً ماتلذذ بالجلسة معه، فقد كان الشيخ حكيماً مَرِحاً مُحباً، وكم من المرات أخذ النصح منه واستراح إلى مايُبديه من آراء وكم استفاد أيضاً من تجارب ذلك الشيخ أثناء عمره المديد.  فى ذلك اليوم وعلى غير العادة بدا وجه صديقنا مهموماً، فابتسم الشيخ وبادر صديقه الصغير بالقول : 

+ مالك ياصديقى؟ لم أعتد عليك هكذا.  

* لست أدرى.

+ ماهو الذى لاتدريه؟

* أشعر بحيرة شديدة فى كل أمورى

+ هل يمكننى مساعدتك ؟

*لست أدرى.

+ عموماً، قُص علىّ مايُحيّرك ربما استطعت بنعمة الرب بواسطة الكتاب واختباراتى أن أفيدك.

* ألا ترى معى إنه أمر صعب أن يعيش الواحد حياته دون قانون يحكم تصرفاته؟

+ بالتأكيد.

* ألم يكن من الأفضل إذاً أن يحتوى الكتاب المقدس على القوانين التى تحكم حياتنا من صغيرها إلى كبيرها، فنسير فى الحياة دون تخبط ؟

+ إنى أوافقك وأخالفك فى ذات الوقت.

* ماذا تعنى ؟

+أعنى إنى أوافقك أن الكتاب ليس ككتب القانون يحوى أحكاماً لكل حالة، لكنى أخالفك لأن الكتاب رغم ذلك كافِ جداً للحكم على حياتنا وضبط سلوكنا.

* إن كلامك نوع من الألغاز ؟

+ليس فى الأمر لغز على الإطلاق ولكن دعنى أوضح لك الأمر : لو تصوّرت معى حكماً فى مباراة للألعاب الرياضية شاهد أحد اللاعبين يُخطئ خطأ

معيناً، فهو بناء على قانون اللعبة يتصرف معه تصرفاً محدداً، وأنت تريد أن يكون الأمر كذلك فى حياتك.

* نعم .

+ لكن كتابنا وإن كان لايحوى قوانين لكل حالة، لكنه يحمل لنا مبادئ تصلُح للحُكم على كل الحالات.

* وماالفرق إذاً بين القانون والمبدأ؟

+ إذا دخلت حديقة ورأيت لافتات تقول «لاتقطف الزهور» أو «لاتلعب الكرة هنا» فهذه قوانين، ولكنها قد بُنيت على مبدأ هام وهو المحافظة على الحديقة من التلف.  وأرجو أن تلاحظ أن القانون يغطى حالة واحدة (مثل قطف الزهور) لكن المبدأ أوسع بكثير.  وفى الكتاب نجد مبادئ إلهية عظيمة لو أدركناها لاستطعنا أن نضبط سلوكنا ونعيش كما يريد إلهنا.

* ولماذا لم يُعطنا الله قوانين، فهى بالتأكيد أسهل ؟

+لقد أراد الله ياعزيزى أن يجعلنا نشاركه طريقة تفكيره ونتصرف طبقاً لفهمنا له، لكن الذى ينفذ قانوناً جامداً فحسب لايشارك واضع القانون أفكاره.  ولعلك ترى معى أنه من روعة المسيحية أنها علاقة حية مع الله وليست مجرد تنظيم جامد.

* هل تُخبرنى إذاً ماهى أهم المبادئ التى تحكم الحياة المسيحية ؟

+ بكل سرور، إفتح معى 2كورنثوس 5: 4،15 واقرأ لنا تلك الأعداد

* «لأن محبة المسيح تحصرنا، إذ نحن نحسب هذا أنه إن كان واحد قد مات لأجل الجميع فالجميع إذاً ماتوا، وهو مات لأجل الجميع لكى يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذى مات لأجلهم وقام» .

+ إن هذا المبدأ هو مبدأ المِلكية (بكسر الميم).  قديماً كنت مِلكاً للشيطان وقد حررنى المسيح، الآن لست مِلكاً لنفسى أيضاً لأفعل فيها ماأشاء ولكن حياتى كلها ملك للمسيح لأنه هو الذى أعطانى هذه الحياة دافعاً حياته ثمناً لها.  لذلك ليس من حق أى شخص ولا حتى تسلية أو عادة أو إهتمام أن يتملك علىّ ويتحكم فىّ، فذلك حق المسيح وحده.  والكتاب يذكّرنا أننا لايمكن أن نخدم سيدين لذلك فإن أى شئ يتحكم فىّ ويأخذ حجماً أكثر مما يستحق يجب أن أرفضه وأطلب من الرب أن يخلصنى منه.

* إنه مبدأ رائع حقاً.

+ وهناك مبدأً آخر هام تقرأه فى كولوسى 3: 17 «وكل ماعملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع».

* مامعنى أن أفعل الشئ باسم الرب يسوع ؟ هل معنى ذلك أن أبدأ أعمالى بالقول باسم الرب يسوع ؟

+ ليس الأمر كذلك ياعزيزى، إن معنى أن تفعل شيئاً باسم الرب يسوع أى بالنيابة عنه.  فعندما أقول لك إنى أتيت هنا باسم فلان يعنى أننى أُمثّله وأتكلم بلسانه، لذلك فدعنا نسمى هذا المبدأ تمثيل  المسيح.  فأنا وأنت هنا على هذه الأرض إعلان المسيح أمام العالم الذى لايعرفه، لذلك يجب أن ندقق فيما نُظهره لأن ذلك يحكم على مسيحنا.  فلنسأل أنفسنا قبل كل تصرف، كيف كان المسيح سيتصرف فى تلك الحالة؟

* ولكن هذا الأمر صعب للغاية، فكيف يمكننى أن أتصرف تماماً كالمسيح؟ عِلماً بأنه كامل وليس فيه نقص وأنا لست كاملاً.

+ ياصديقى، لاأطالبك بالكمال، بل أقول لك ضع المسيح مقياساً لك فى التصرف فلا تقنع بأى مستوى بل اسعَ دائماً للإقتراب منه.  وبالشركة معه والإقتراب الدائم منه ستتغير كثيراً مقترباً إلى صورته بل ستنطبع تلك الصورة عليك.

* مسئولية ضخمة.

+ بينى وبينك المسئولية صعبة صحيح، لكن معونة الله لنا كاملة بالنعمة لتقودنا إلى أداء تلك المهمة.

* كلامك جميل ياصديقى الحكيم.

+ أشكرك لرقتك، ولكن أنصحك بأمرين: أولهما أن تعود إلى مخدعك وتفحص هذه الأمور فى ضوء كلمة الله وبالصلاة فتكون من الشرفاء كأهل بيرية (أعمال 17: 11). 

* أعِدك بذلك، وثانى الأمرين؟

+ أن تسعى لتعيش طبقاً لهذه المبادئ.  

* أرجو ذلك.

+ أُطلب من الرب القادر على كل شئ وسيعطيك أن تحيا تلك الحياة.

* واذكرنى أنت أيضاً فى صلاتك.  أرى إننى أرهقتك وقد حان وقت الإفتراق.

+ ولكن على أمل اللقاء . وافترق الصديقان وصاحبنا أقل عبوسة من بدء الحديث والحكيم يبتسم سعيداً بصديقه الصغير مُصلياً في قلبه من أجله أن يستخدم الله شبابه لمجده.

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf