1997 23

رؤوس ودروس

Bookmark and Share
  حديث بين رجل وحفيدته بعد ليلة رأس السنة؛ قال فيه:

شدني منظر حفيدتي، وهى تتكلم، اقتربت من صاحبة الخمس عشرة ربيعاً وسمعتها تقول:

سنة من العمر مضت وسنة أقبلت، فهل في السنين قديم ذاهب وجديد قادم، أم هي أيام دائرة وسنين عابرة؛ لا أعلم متى بدايتها وإلى أين منتهاها؟! ... أف، لقد مللتُ الحياة.

ثم ألقت برأسها النحيل مستندة على إحدى أشجار النخيل، وكأنها تبحث عن زمان سعيد قد حمل أمتعته وسافر إلى مكان بعيد.

فداعبتها قائلاً لها:

لا أقول لكِ كل عام وأنت بخير، بل أروم أن تكوني بخير طول العام. ابتسمت بسمة حائرة وكأنها غارقة في بحر كبير، وقالت: أحب أن أسمعك؛ فكلماتك تروق لي.

قلت لها: لكنني أختلف معك فيما قلتيه منذ القليل، لأنه يوجد زمان جميل، يبدأ بفرح حقيقي وينتهى بمجد أبدى.

قاطعتني بلهفة، وكأنها تريد أن تلتقط رأس هذا الزمان من مخازن الأيام؛ وقالت: أرجو أن تخبرني عن هذا الزمان، فمنذ ليلة رأس السنة تفجرت في رأسي مسائل عويصة عن الموت والحياة وأشياء أخرى.  ناهيك عن نوبة الصداع التي أصابتني.

أشفقت كثيراً على حفيدتي، وبحنان قلت لها: بنيتي، سأقدم لك حالاً إجابتي؛ فإليك رأس هذا الزمان الجميل، بين ثلاثة رؤوس لك فيها أنفع الدروس.

أولاً: رأس الزمان


كان حال شعب الله قديماً وهم في مصر يشبه حالتك، لا يشعر بلذة للأيام من شدة الحزن والآلام، وكانت نفوسهم صغيرة، مضروبين مسخرين من فرعون ملك المصريين.  لكن جاء اليوم الذى ذُبح فيه خروف الفصح، ورُش الدم، وعبر المهلك.  ونحن الآن لنا دم أفضل؛ إنه دم يسوع، فما عاد الموت يرعبنا لأنه هُزم في صليب المسيح؛ إنه ليوم مشهور، وليس غريباً أن يكون «أول الشهور» (خروج 12: 2).

ثانياً: رأس الحكمة

الحكمة خير من اللآلئ، وكل الجواهر لا تساويها.  أما رأس الحكمة فهو مخافة الرب.  فمن الحكمة أن أعترف بأنى خاطئ ومريض، والرب يسوع هو المخلص والطبيب.  لكن تحذري؛ لأن الكتاب يقول: «إن كنت حكيماً فأنت حكيم لنفسك، وإن استهزأت فأنت وحدك تتحمل» (أمثال 9: 12).

ثالثاً: رأس الكلام

كلمة الرب نقية كالفضة في نقاوتها وكالعسل في حلاوتها وكالذهب في غلاتها.  فهي ليست فقط تخبرني عن الرب كالمخلص والوسيط(أعمال4 ، 1تيموثاوس2)، أو حتى كالشفيع (1يوحنا2)؛ بل بعد كل هذا في الضعف والآلام لي الرب كالكاهن العظيم، يرثى ويعتنى ويخلص إلى التمام؛ إنه مُجرّب في كل شيء مثلنا إلا أنه عين الكمال؛ هذا هو رأس الكلام (عبرانيين 8: 1). أخيراً؛ ابتهجت حفيدتي، وقالت لقد نشلتني من كآبتي.  كلماتك ثبتت عيناي في رأسي.  أعدك أن أبدأ مع المسيح، لتهدأ نفسى وتستريح.

فتركتها لتتأمل في كتابها، وتبدأ زمانها ...  أجمل زمان.

صفوت تادرس
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf