2003 59

سفر الرؤيا

Bookmark and Share

كثيرون من المفسرين يرون أنه من الأفضل أن يكون اسم هذا السفر هو «إعلان يسوع المسيح» (1:1) وليس "رؤيا يوحنا اللاهوتي"؛ حيث أنه إعلان، أي كشف الحقيقة أو إزاحة الستار، من الرب يسوع لعبيده عن ما لا بد أن يكون عن قريب.

الكاتب:  يوحنا الرسول (1:1).

لمن أُرسل:  للسبع كنائس التي في أسيا الصغرى (تركيا حاليًا) وهي: أفسس، سميرنا، برغامس، ثياتيرا، ساردس، فيلادلفيا، لاودكية.

موضوع السفر: السفر في مجمله نبوة تكشف عن أمور مستقبلة، ويتناول موضوعين رئيسين:

* ص1-3  يكشف عن الحالة الروحية للكنيسة في كل فترة وجودها على الأرض، من يوم الخمسين وحتى الاختطاف؛ وذلك من خلال وصفه للحالة الروحية في سبع كنائس في أسيا، اختارها الرب بعناية من وسط آلاف الكنائس التي كانت موجودة على الأرض في ذلك الوقت، إذ أن الحالة الروحية لكل منها في ذلك الوقت كانت عتيدة أن تكون هي الحالة العامة لكل كنيسة الله على الأرض في فترة معينة من تاريخ الكنيسة.

* ص4-22 يكشف عن ما سيكون في السماء وما سيحدث على الأرض بعد اختطاف الكنيسة إلى السماء.

غرض السفر:

1- قيادتنا لتمجيد الله، إذ نراه قد تمم كل مقاصد قلبه، ولم يسقط حرف من كل كلامه، وتمجيد الرب يسوع بصفة خاصة إذ نراه في عرشه كديّان كل الأرض، وكَمَنْ دُفع إليه كل سلطان، كذلك إذ نرى هزيمة الشر والشيطان وغلبة الله العظمى عندما يُطرح إبليس والشر والأشرار في بحيرة النار.

2- إن الله في نعمته يريد أن يُشركنا في أفكاره، فلا نكون في جهل لما سيحدث لنا ولهذا العالم ولرئيس هذا العالم، والإنسان بطبعه يحن ويشتاق لمعرفة أي شيء عن المستقبل، وبدلاً من التخمينات أو الخرافات كشف الله لنا الحقيقة في كلمته الصادقة في سفر الرؤيا.

3- إن كنا في سفر التكوين نرى بداية كل شيء فإننا في سفر الرؤيا نرى نهاية كل شيء.  وعليه فالقارئ المدقِّق ستنشأ لديه أسئلة كثيرة من كل أسفار الكتاب ولا يجد إجابة لها حتى يصل إلى سفر الرؤيا. 

أقسام السفر: هو السفر الوحيد الذي وضع المسيح أقسامه بنفسه في 1: 19 إذ قال ليوحنا: «فاكتب ما رأيت وما هو كائن وما هو عتيد أن يكون بعد هذا». وفي هذا نرى ثلاثة أقسام واضحة هي:- 

1- ما رأيت (ص1) ويقصد منظر الرب يسوع القضائي وهو يحكم في وسط الكنائس، مادحًا ما يستحق المدح وموبِّخًا ما يستوجب التوبيخ.

2- ما هو كائن (ص2 ،3) ويقصد الحالة الروحية للكنيسة، بصفة عامة، في كل تاريخها على الأرض كما تُصوّره الحالة الروحية لهذه الكنائس السبعة التي اختارها ليكشف حالتها ويكتب لها.

3- ما هو عتيد أن يكون بعد هذا (ص4-21) أي ما سيحدث في السماء، وبالأكثر ما سيحدث على الأرض  بعد اختطاف الكنيسة وحتى تصل الخليقة كلها إلى الأبدية.

ويمكننا تقسيم هذا الجزء للآتي:

4 ،5    عرش الله في السماء والحَمَل يستلم السفر المختوم.

6- 16    الأحداث التي ستحدث على الأرض بعد الاختطاف في فترتي مبتدإ الأوجاع والضيقة العظيمة (الختوم السبعة والأبواق السبعة والجامات السبعة).

17 ،18    بابل وسقوطها.

19- 22    النهاية (الظهور، المُلك، دينونة الأموات، الحالة الأبدية).

بعض السمات العامة للسفر:

1-سفر نبوي: حيث يؤكد هذا خمس مرات (1: 3؛  22: 7 ،10 ،18 ،19).

2- سفر مفتوح: أي أنه ليس مختومًا كما يردد البعض لثلاثة أسباب هي:

أ) قال الرب عنه ليوحنا «لا تختم على أقوال نبوة هذا الكتاب» (22: 10)، على عكس دانيآل 12: 4.

ب) الرب يسوع قسّمه (1: 19)

ج) روح الله يشرحه (السفر يشرح نفسه - انظر مثلاً 1: 20؛ 4: 5؛ 5: 6 ،8؛ 9: 1 ،11؛ 12:4 ،9؛ 17: 9 ،12 ،15 ،18.. الخ).

3- سفر الهللويات: حيث لم تُذكر كلمة «هللويا» في كل العهد الجديد إلا في هذا السفر (19: 1 ،3 ،4 ،6). وذلك لأنه يسجِّل إتمام الله لمقاصده.

4- سفر العرش: كلمة «العرش» ذُكرت 61 مرة في كل العهد الجديد، 46 مرة منهم في سفر الرؤيا.  وفيه ذُكرت كلمة «الملك» 23 مرة، كلمة «السلطان» 37 مرة.

5- سفر النهايات: فيه نجد نهاية كل شيء: الإنسان والشيطان، الأرض والسماء، الناس والملائكة، الأبرار والأشرار، الفوضى والحضارة، إسرائيل والكنيسة.. الخ . كما أن أي خط أو خيط (نبوي أو تاريخي) في الكتاب المقدس ينتهي في سفر الرؤيا. أي يمكن القول إنه هو:The big central station  أي المحطة المركزية الكبرى التي تنتهي عندها كل قطارات النبوة. وعليه فبدون سفر الرؤيا يصبح الكتاب المقدس: هرم بلا قمة، قصة لم تنتهِ، بداية بلا نهاية، حكاية بلا معنى.

6- سفر مظلوم: فإن

أ) البعض لم يقرأه ولم يعرف ما فيه، وربما حُرّم عليه قراءته أو هو خاف منه.

ب) البعض قرأه لكنه لم ينجذب إليه، وربما يقولون نريد شيئًا عمليًا يبني حياتنا الروحية.

ج) البعض يقرأه ولا يؤمن بما جاء فيه.

د) البعض يريد أن يفهمه لكنه ربما يقضي عمره كله في الكنائس ولا يستمع مرة واحدة لشرح له.

7- سفر مُبارِك: إذ أن الرب وعد بالبركة لمن يقرأه،  كما أنه يحوي 7 تطويبات (1: 3؛ 14: 13؛  16: 15؛ 19: 9؛ 20: 6؛ 22: 7 ،14).

8- سفر التسبيحات: هو كتاب ترانيم العهد الجديد، كما كان المزامير كتاب تسابيح العهد القديم.  وتسابيحه متزايدة (1: 6؛ 4: 11؛ 5: 12؛ 7: 12).  فيه التسابيح والأمر بالتسبيح (11: 16؛ 19: 5).  فيه ترنيمة جديدة (14: 3)، وترنيمة موسى عبد الله والخروف (15: 3).

9- سفر شامل: يحوي الكُلّيات والمتناقضات، ففيه نرى القضاء والنعمة، الحَمَل والأسد، الصليب والعرش، الأرواح والأجساد، البشر والملائكة، الملائكة الأشرار والأطهار، الأرض والسماء، الزمان والأبدية.

10- سفر مسياوي: هو «إعلان يسوع المسيح» وهو فعلاً لا يقدِّم سوى المسيح.  فالمسيح بعد صعوده احتجب في السماء ولم نعد نراه، حتى جاء سفر الرؤيا ليخبرنا: أن نجار الناصرة المُحتَقَر هو موضوع عبادة كل الخلائق، وأن الملك المرفوض هو مركز السماء والأرض والجالس وحده على العرش، وأن رأس الكنيسة غير المنظور هو في أعلى قمة المجد.  فإذا كانت الأناجيل تُقدِّمه في اتضاعه في المزود والناصرة والبرية والجبل والبستان والجلجثة، والرسائل تشرح لماذا هذا الاتضاع ونتائجه، فإن سفر الرؤيا يقدِّم لنا مجده الحاضر والعتيد.

11- سفر الحرب والغلبات: حرب على الأرض وحرب في السماء، حرب مع الشيطان (12:11) وحرب مع المسيح (19: 11، 19).  وفيه نرى نصرة الرب المسيح النهائية المجيدة: هو غالب وكل أتباعه غالبون.  به وعود للغالبين «من يغلب» (2:7 ،11 ، 17 ،26؛ 3:5 ،12 ،21؛ 21:7)، وإرشاد إلى كيف نكون غالبين عمليًا (12:11). كلمة «يغلب» تكررت 34 مرة في العهد الجديد، 17مرة منهم في سفر الرؤيا.

12- سفر له أسلوبه المميز: 

أ) لا يوجد سفر مليء بالرموز مثله. كلمة بينه في1: 1 تعني قدَّمه في صور.

ب) تلقاه كاتبه بعينه وليس فقط بأذنه (1: 11 ،19).

ج) يستعمل كل شيء في الطبيعة كرموز: الجبال والبحار، والبرية والجنات، والجزر والمعادن، كما أنه يستعمل مفردات لغة البشر والمستعملة في حياتهم اليومية كالمقاييس والمكاييل والأوزان والأرقام. ليرمز بها إلى وقائع وأحداث.

لماذا هذا الأسلوب؟

أولاً: لأسباب متعلقة بالسفر

1- طابع السفر النبوي يتكلم عن أشياء مستقبلية، لو كُتبت كما هي لكانت طلاسم لمن سبقونا. لكن الرمز يصلح لكل العصور. 

2- موضوع الحديث في السفر أشياء تُرى وأشياء لا تُرى، أشياء في السماء وأشياء في الأرض، أشياء في الجسد وأشياء خارج الجسد، كائنات مادية وكائنات روحية؛ كل هذا في امتزاج عجيب لا تصلح معه إلا لغة الرمز.

3- كُتب في أشد عصور الاضطهاد ضراوة: عصر دوميتان، فكُتب مُشفَّر coded  على أن فاك الشفرة  decoder هو العهد القديم.

ثانيًا: لأسباب متعلقة بالإسلوب الرمزي:

1- الرموز ليست فقط تصلح لكل العصور لكنها أيضًا لا تضعف مع الزمن، فالرمز يظل حيًّّا ويرسم دائمًا صورة حية في الأذهان.

2- الرموز أقوى في نقل الأفكار وأسهل.  مثال: الحَمَلْ (28مرة) تحدّثنا عن براءته، وداعته، نيابته، خضوعه، طاعته، طهارته.. كل هذا في كلمة واحدة.

3- الرمز يحمل الفكرة ويحرك المشاعر.  مثال: إذا قلت "دكتاتور يحكم" فقد وصلت الفكرة، ولكن إن قلت "وحش يحكم" وصلت الفكرة وتحركت المشاعر.

تواريخ وأرقام: 

* السفر كُتب حوالي سنة 95م.

* يحوي 22 أصحاحًا و386 عددًا؛ ويمكن قراءته في أقل من ساعة ونصف.

* يتكرر رقم «7» - 54 مرة، واسم يسوع 14 مرة

* به أكثر من 300 إشارة إلى العهد القديم

* من 260 أصحاحًا في العهد الجديد ذُكرت في 210 منهم (80%) حقيقة مجيء الرب.  وفي أكثر من نصف هذه الأصحاحات ذكرت أكثر من مرة.  ولا يوجد سفر في كل العهد الجديد يؤكد على تلك الحقيقة مثل سفر الرؤيا.

ماهر صموئيل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf