2011 110

مثل: رب البيت والفعلة

Bookmark and Share

دار حوار بين شاب غني والرب فيه سأل الشاب: أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟  فأجابه الرب: اذهب وبِع أملاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني!  فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة.  وكان بطرس سامعًا هذا الحوار فرأى أنه أفضل من الشاب إذ قال للرب: «ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك.  فماذا يكون لنا؟»، فضرب الرب هذا المثل ليشرح لبطرس ولنا القول: «كثيرون أولون يكونون آخرين وآخرون أولين» (متى19: 16-30).

مثل: رب البيت والفعلة    (اقرأ متى20: 1-16)

تعوَّدنا أن نري في بلادنا تجمُّع العمال في الميادين، في الصباح الباكر، انتظارًا لمجيء أصحاب الأعمال ليستأجروا بعضًا منهم نظير أجر مُتَّفَق عليه.  فاستخدم الرب هذا المنظر المألوف - كما عوَّدنا في أمثاله دائمًا - لإعلان أسمى الحقائق.  وبهذا المثل قصد الرب أن يعلمنا الحقائق الآتية:

1– الخلاص لجميع الناس

* يهود أو أمم: فإن قُلنا إن اليهود هم أصحاب الساعات الأولى الذين عرفوا الله منذ أيام إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فالأمم أيضًا لهم نصيب في الخلاص وهم أصحاب الساعة الحادية عشر (اقرأ رومية3).

* لجميع الأعمار: ففي ساعات النهار نرى مراحل حياة الإنسان، فباكرًا تشير إلى الطفولة والثالثة إلى الصبا والسادسة إلى الشباب والتاسعة إلى الرجولة والحادية عشر إلى الشيخوخة.  فالله يدعو الإنسان مهما كان عمره.  فحسنًا أن تستجيب في الصبا: «جيد للرجل أن يحمل النير في صباه» (مراثي 3: 27)، وأن تذكر خالقك في أيام شبابك (جامعة12: 1)، وأيضًا لمن بلغوا الشيخوخة أو كانوا على فراش الموت؛ فالرب يدعو الجميع.  فاللص كان من أصحاب الساعة الحادية عشر ونال الخلاص في آخر لحظات حياته.  وأما من لا يُلَبِّي الدعوة ويتكاسل، فالثانية عشر تشير للموت ونهاية اليوم وحلول الظلام حيث لا وقت لعمل شيء.

2– الخلاص بالنعمة

من يَقبلون الدعوة ويُقبلون إلى المسيح كلهم متساوون في نوال الحياة الأبدية، لأنها لا تتوقف على عمل الإنسان بل على عمل المسيح على الصليب: «لأنكم بالنعمة مُخَلَّصون».  وبعد الإيمان تأتي الأعمال الصالحة كثمر للإيمان وبرهان للخلاص: «مخلوقين في المسيح يسوع (خليقة جديدة أولاً) لأعمال صالحة قد سبق الله فأَعَدَّها لكي نسلك فيها» (أفسس2: 10).

3- نجم يمتاز عن نجم في السماء

الكل في السماء، ولكن ليس للكل جزاء ومكافآت السماء.  فالمسيح هو الأساس الوحيد للبناء، والمؤمنون بَنَّاؤون على هذا الأساس ولكن هناك اختلاف في مواد البناء؛ فهناك من يبني ذهبًا أو فضة أو حجارة كريمة، وهناك من يبني خشبًا أو عُشبًا أو قشًّا.  وأمام كرسي المسيح ستمتحن النار هذه الأعمال وما يتبقي منها (الذهب والفضة والحجارة الكريمة) سيأخذ صاحبها أجرة.  وإن احترق عمل أحد (خشب، عشب، قش) سيخسر المكافأة ولكنه سيخلص هو (1كورنثوس3: 9-15).  فالرب قال للفعلة: «أُعطيكم ما يحق لكم».

4– الخدمة المقبولة

كل المؤمنين مَدِينون بخدمة المسيح مع الاختلاف في نوع الخدمة ومُدَّتها، دون أن يقول أحد مع بطرس: «ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا؟».  فالروح الناموسية تُفسد الخدمة مهما كانت وافرة وجميلة في أعين الناس.  فلا نخدم لأجل أجرة على الأرض أو أجرة في السماء، بل يكون مجد المسيح هو الدافع الوحيد لخدمتنا.

5– الأولون والآخِرون

هناك أولون في نظر أنفسهم وفي نظر الناس، ولكنهم آخِرون في نظر الله.  وهناك أولون في الدعوة مثل بني إسرائيل صاروا آخِرين، لأن الأمم سبقوهم إلى ملكوت الله: «قال لهم يسوع: الحق أقول لكم إن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله» (متى21: 31).  وهناك أولون في الفرصة الممنوحة لهم كأهل الناصرة (وطن الرب)، لكنهم صاروا آخِرين لعدم إيمانهم (متى13: 54-57).

6– الفعلة المتذمرون

من يظنون أنهم مُتَقَدِّمون.  كثيرًا ما يتذمرون على قبول الله للمتأخرين مثل تذمر اليهود المتدينين عندما قبل الرب الأمم للإيمان والخلاص.  وتذمر الابن الأكبر عندما استقبل الأب أخاه الراجع من الضلال وفرح به.  وغالبًا ما يكون سِر التذمر هو الحسد.  فالفعلة هنا لم يَكُن تذمرهم على حرمانهم من شيء، فقد أخذوا ما لهم، بل حزنوا من أجل الخير الذي ناله الغير، لهذا وبَّخهم السيد.

7– لماذا وقفتم بَطَّالين؟

الكّرْم هو شعب الرب (إشعياء5).  فاسمعه، أخي المؤمن، يقول لك ما قاله للرسول بولس: «تكلم ولا تسكت.  لأن لي شعبًا كثيرًا في هذه المدينة» (أعمال18: 9، 10).  فلماذا أنت واقف بَطَّال ولا تعمل في مدينتك أو قريتك؟  فالرب يحتاج لك ويحتاج لمالك ويحتاج لوقتك ويحتاج حتى لحمارك (لوقا19: 33، 34).  لا تنتظر أن يدعوك الناس ولا تنظر لمؤهلاتك الزمنية أو الروحية!  بل كما قال الرب: «أما تقولون إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد.  ها أنا أقول لكم: ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول!  إنها قد ابيضَّت للحصاد.  والحاصد يأخذ أجرة ويجمع ثمرًا للحياة الأبدية لكي يفرح الزارع والحاصد معًا» (يوحنا4: 35، 36).  فنحن الآن في نهار العمل، فلا تنتظر لأنه «يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل» (يوحنا9: 4).  فالرب يدعو كل من هو مُستَعِد للعمل.  وإن كنت لا تعلم ماذا تفعل فاسأله: «ماذا تريد يا رب أن أفعل؟».  وأخيرًا، ما أعظم الجزاء لكل من يضحي بشيء حُبًّا في الرب وليس نظرًا للمكافأة!

معين بشير
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf