2002 53

للأغبياء فقط

Bookmark and Share

تحذير : هذا المقال لا يهمك أن كنت من الأذكياء.

يقول الكتاب المقدس: «قال الجاهل في قلبه ليس إله».

إذاً فمَن خلق هذا الكون؟ يقول الأغبياء إنه كَّون نفسه عَبْر ملايين السنين بفعل الصدف!

وحجتهم في هذا إنه لم يرَ أحد الله، وهم لا يؤمنون بشيء لم يروه!

وهل رأى أحد التيار الكهربي؟  بالطبع لا، ومع ذلك فأنت تحتاط ولا تقترب من سلك كهربائي عارٍ، ولا تمسكه بيدك خوفاً من أن تُصعق بالتيار.  فمع أنك لم تَرَ تياراً ولا كهرباء، لكنك رأيت تأثير الكهرباء في المصابيح المضاءة، والأجهزة التي تدور، وهلم جرّا.  وهكذا بالنسبة لله، فخليقته العجيبة تؤكد لكل إنسان عاقل أن هناك إلهاً عظيماً عمل هذا الكون وأبدعه.

يُحكى عن واحد من هؤلاء الذين يسميهم الكتاب المقدس بأنهم جُهال، رغم أنه كان عالماً في زمانه، وكان صديقاً للعالم المؤمن إسحاق نيوتن، أن دخل ذلك الشخص إلى معمل نيوتن فوجد نموذجاً رائعاً للمجموعة الشمسية وتحركاتها ومداراتها، وسأل نيوتن: من الذي عمل هذا النموذج الرائع؟ وبدون أن يلتفت إليه نيوتن أجابه: لا أحد.  فظن الزميل أن نيوتن لم يسمعه جيداً، فكرر السؤال.  ومرة أخرى، وبدون اكتراث أيضاً، أجابه نيوتن: قلت لك لا أحد.

أجابه الزميل العالم: وهل تظنني أبله، هل هذا النموذج الرائع سيكوِّن نفسه بنفسه؟!  وهنا التفت إليه إسحاق نيوتن، وقال له: أما أنت فتقول إن هذا الكون العظيم، الذي لا يصور هذا النموذج إلا جزءاً صغيراً جداً منه، قد تكوَّن بفعل الصدف والأحقاب الطويلة!

ولكن هناك نوع آخر من الغباء لدى البعض لا يقل عن النوع الأول؛ وهو أن يؤمن الشخص نظرياً بوجود الله، ولكنه يتجاهله في حياته اليومية، ولا يعمل له حساباً.  ما الفائدة أن أقول إن هناك إله ثم أعيش دون أي اعتبار لهذا الإله العظيم القدوس؟  

حُكي عن أب ذهب مع ابنه إلى حديقة فواكه، وطلب من الابن أن يراقب الطريق، بينما يصعد هو ليقتطف شيئاً من ثمار إحدى الأشجار، ولو أحس الابن بوجود أحد يراقب، عليه أن يصدر صوتاً واضحاً لينزل الأب فوراً حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية.  وصعد الأب، وقبل أن يمد يده ليقتطف ثمراً حراماً أصدر الابن صوتاً، فنزل الأب بسرعة، وانتظر ليرى أحداً فلم يرَ.  فصعد ثانية وهو يقول لابنه: راقب جيداً وحذرني في الوقت المناسب.  ومرة أخرى، قبل أن يمد الأب يده ويقطف ثمراً حراماً، ناداه الابن، فنزل بسرعة.  ومرة أخرى لم يشاهد الأب أحداً.  فصعد للمرة الثالثة، وقبل أن يمد يده ناداه الابن، ونزل الأب بسرعة؛ لكنه هذه المرة لما لم يجد أحداً ضرب ابنه وقال له: ثلاث مرات تزعجني فأنزل مسرعاً ولا أجد أحداً.  ألا ترى؟  فقال له الابن: بل أرى يا أبي ما لا تراه أنت.  إني أرى الله الذي يراقب ما تفعله.

يوسف رياض
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf