2005 74

الفاعل

Bookmark and Share

ما زلنا نتحدّث عن مهن ترتبط بالزراعة، ونتحدث اليوم عن الفاعل (جمعها فعلة). وعمل الفاعل في الحقل غير محدد؛ فتارة تجده يساعد في حرث، ومرة ينقي الزرع من الآفات والحشائش الضارة، وأخرى يقلّب الأرض، وفي النهاية يشارك في جمع المحصول. ويرتبط عمل الفاعل أساسًا بالتعب، ويُفهم ذلك من أصل الفعل الذي اشتُقت منه الكلمة، فهو بعينه المستعمل في أماكن أخرى بمعنى «تعب» (مثلاً رؤيا2: 2؛ أفسس4: 28؛ 1تسالونيكي1: 3؛ 2: 9).

والمدلول الروحي لهذه المهنة يحدّثنا عن خدمة الرب، الخدمة التاعبة المضحية، المستعدة لعمل أي شيء لمجد المسيح. فتجد مَن، مِن أجل الرب، يتعب في نشر كلمته بالتجول هنا وهناك. وآخر يجتهد في تدريس فصل لمدارس الأحد. وثالث يجوب بلاد ليوزِّع كتب ومطبوعات روحية. وتالٍ يتعب في ترتيب مكان الاجتماع أو نقل هذا أو ذاك لتتميم الخدمة. وغيرهم يعمل أعمالاً في الخفاء لا تنظرها العين. ومنهم من يعمل هذه في مرة وتلك في مرة أخرى. الكل يتعب بسرور إكرامًا للسيد الذي سبق وأحبّنا وتعب من أجلن.

ومن أشهر الآيات عن الفعلة، قول الرب بفمه الكريم: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلَكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ» (متى9: 37، 38). فهل نتمم طلب الرب هذا فنصلي باستمرار من أجل أن يرسل الرب مَن يُتمم عمله الكثير. ولا شك أن المؤمن الذي يهتم بالصلاة من أجل خدمة الرب وخدامه سيستخدمه الرب في عمل ما لخدمته وإكرامه.

على أننا نقرأ في متى20: 1-16 مثلاً قاله الرب أيضًا عن الفعلة، ومنه نتعلم خطورة أن يخدم واحد الرب طلبًا لأجرة أو مقابل (كأن ينجحه الرب أو يعطيه عطايا أرضية أو... أو...)، بل ينبغي أن نخدمه حبًّا فيه، واثقين في نعمته التي تعطينا لا ما نستحق بل أكثر كثيرً. إنه الذي قرّر وكرّر القول «لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ» (لوقا10: 7؛ 1تيموثاوس5: 18؛ متى10: 10)، والذي أكد الكتاب عنه أن «اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ» (عبرانيين6: 10).

عزيزي المؤمن، هل تتعب من أجل الرب؟! أم في ماذا تستثمر جهدك وشبابك؟! هل أنت على استعداد دائمًا أن تذرف العرق من أجل من أحبك فسفك الدم؟! هل تقضي حياتك لمن جاد من أجلك بحياته؟! فلنسمع التحريض في النهاية «إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ كُونُوا ... مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ» (1كورنثوس15: 58).

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf