2009 98

لا تدع العنكبوت يصطادك

Bookmark and Share

من ضمن مُسَمَّياتها بالعربية ”الشبكة العنكبوتية“، وذلك بوحي من كثرة الارتباطات بين عناصرها المختلفة، حتى تخيلها من أطلق هذه التسمية عليها كشبكة عنكبوت متداخلة الخطوط. لكني أُطلق لخيالي العنان ليتصور، من خلفية هذه التسمية، فأراها عنكبوتًا يريد اصطياد حشرة صغيرة وقعت بين خيوطه، فالتصقت بها، ولم تدرِ بنفسها إلا والخيوط الرقيقة تلتف بها، فلا تجد مهربًا من مواجهة مصيرها المحتوم.

منذ 7 سنوات، عندما كتبت مقالة ”إنترنت نعم... إنترنت لا“ (نحو الهدف، عدد56، صفحة14)، كان الخطر الأساسي الذي حذرت منه (وبالتأكيد ما زلت أحذر) هو أن يستدرجك الشيطان إلى مواقع قذرة تُنَجِّس فكرك وتُؤَثِّر في سلوكياتك وحياتك بصفة عامة. كما وأضفت أن الوقت قد يضيع منك دون استفادة حقيقية، والوقت - كما تعلم - هو العمر في الحقيقة، ولا عاقل يحب أن يضيع عمره. ثم أشرتُ في عجالة سريعة إلى خطر اسمه الإدمان!

لكني اليوم، بناءً على ما أطالعه من إحصائيات، وما أسمعه من شكاوى الشباب المُعَذَّبين، بل وما أراه بعينيَّ في حياة شباب كثيرين؛ أجد نفسي مُلزَمًا أن أفرد هذه المقالة، وربما أكثر، للتصدي لهذا الوضع.

نعم، لقد كَثُر الكلام هذه الأيام عن ”إدمان الإنترنت“ IAD Internet Addiction Disorder، وتستطيع أن تجد آلاف المصادر التي تتحدث عنه. ودعني أشاركك بخلاصة سريعة لما وصلتُ إليه، من قراءات ومشاهدات واختبار.

مظاهر إدمان الإنترنت

* الإدمان، بصفة عامة، هو الوصول إلى حالة من الاعتمادية على الشيء؛ بحيث لا يمكن للشخص الاستغناء عنها، بل دائمًا يطلب المزيد، حتى ولو على حساب أي احتياج مُلِح آخر.

* زيادة عدد ساعات استخدام الإنترنت، بشكل متزايد، تتجاوز الفترات التي يُحَدِّدها الفرد لنفسه.

* التوتر والقلق الشديدان في حالة وجود أي عائق للاتصال بالإنترنت، وقد يصل الأمر إلى حد الاكتئاب إذا ما طالت فترة الابتعاد عنها، والإحساس بسعادة بالغة وراحة نفسية حين يرجع إلى استخدامها!

* التكلم كثيرًا عن الإنترنت في الحياة اليومية.

* إهمال الواجبات الاجتماعية والأُسَرية والوظيفية بسبب استعمال الإنترنت.

* استمرار استعمال الإنترنت، على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل: فقدان العلاقات الاجتماعية، والتأخر في العمل.

* الاستيقاظ بشكل مفاجئ والرغبة في فتح البريد الإلكتروني، أو رؤية قائمة الأصدقاء المتصلين في برامج المِسنجر أو الفيس بوك!

*ماذا يدمنون؟ المواقع الإباحية Pornography، مواقع الحوار والدردشة والمُدَوَّنات Chat, Forums, and Blogs، المواقع المجتمعية مثل Facebook، ومواقع مُحاكاة الحياة الافتراضية، مواقع الألعاب Online Gaming، مواقع الفيديو والصوتيات والتحميل.

مساوؤه:

هي كثيرة على كل حال. فنفسيًّا، يرى علماء النفس أن شبكة الإنترنت تقدم عالمًا وهميًّا بديلاً عن الحقيقة، مما يسبب آثارًا نفسية مزعجة، خصوصًا على الفئات العمرية الصغيرة، حيث يختلط الواقع بالوهم، وحيث تُختَـلَق علاقات وارتباطات غير موجودة في العالم الواقعي تؤدي إلى تقليل مقدرة الفرد على أن يخلق شخصية نفسية سوية قادرة على التفاعل مع المجتمع والواقع المُعاش! وهذا يُنتج شخصية سطحية لا يمكن الاعتماد عليها.

واجتماعيًّا، يسبب إدمان الإنترنت انسحابًا ملحوظًا للإنسان من المجتمع، وفقدان القدرة على التكيف معه، وعدم قيامه بدوره فيه، ومن ثم ميله للعزلة والشعور بالغربة ونفور الناس من الشخص.

وحتى جسمانيًّا لا يخلو الأمر من أضرار؛ أضرار تصيب الأيدي من الاستخدام المُفرِط للفأرة، وتصيب العين نتيجة للإشعاع الذي تبثه شاشات الكمبيوتر، وتصيب العمود الفقري والرجلين نتيجة الجلوس لمدة طويلة، وغيرها الكثير يضيق المجال بذكرها هنا.

لكن أسوأ هذه الأضرار هو الأضرار الروحية. يكفي أن أُذَكِّرك أنها تمتص وقتك بشكل رهيب، فلا يعود الوقت مُتاحًا للشركة مع الرب ودراسة الكتاب. كما أن الشعور بالعزلة السابق ذكره ينسحب على علاقتك بالمؤمنين فلا تشعر بالرغبة في مقابلاتهم ولا في حضور الاجتماعات. كما وأن وجود كل شيء على الإنترنت قد يصل بك إلى الشعور بأنك لا تحتاج إلى الله نفسه! ناهيك عن المحتوى النجس الذي يتسلل إلى عقلك فيُنَجِّس قلبك، وكذا المعاشرات الرديَّة المتوفرة على الشبكة، والاختفاء عن عيون الناس؛ فيُهَيئ لك العدو أن تفعل ما يحلو لك. وأعتقد أننا لو استدركنا فلن تكفي هذه السطور!

اختبر نفسك

الاختبار التالي سيساعدك على تشخيص الوضع. على كل سؤال من الأسئلة التالية أجب بإحدى الإجابات:

1- نادرًا ما تنطبق هذه العبارة عليَّ (بنسبة حتى 15% - مرة من 6 مرات)

2- أحيانًا تنطبق هذه العبارة عليَّ (بنسبة 16% - 40%)

3- غالبًا ما تنطبق هذه العبارة عليَّ (بنسبة 41%- 75%)

4- دائمًا تنطبق هذه العبارة عليَّ (أكثر من 75%)

إذا كانت إجاتك هي (1) اعط نفسك نقطة، وإن كانت (2) أعط نفسك نقطتين، وهكذا... والآن هيَّا أجب عن الأسئلة لنفسك وكن أمينًا.

1- عندما أستخدم الإنترنت أتجاوز بكثير الوقت الذي حدَّدته لاستخدامها.

2- عندما أستخدم الإنترنت أُفَضِّلها عن قضاء وقت مع المُقَرَّبين (أهلي، أصدقائي).

3- أُكَوِّن علاقات مع أشخاص عبر الإنترنت أكثر من المحيطين بي.

4- المحيطون بي (خاصة أهلي) يضجرون (يتضايقون) من طول الوقت الذي أقضيه على النت.

5- درجاتي في المدرسة أو الكلية أو أدائي في العمل تتأثر بطول الوقت الذي أقضيه على الإنترنت.


6- أهم شيء عندي أن أرى من أرسل لي رسالة إلكترونية أو أُطالع الفيس بوك.

7- أتضايق عندما يحاول أحد أن يعرف ماذا أفعل على النت (أحاول أن أخبئ).

8- تنتابني أفكار لا أريدها بسبب استخدامي الإنترنت (عنف – نجاسة – حب المال...)

9- أشعر بسرور خاص وأنا مُتَّجِه للكمبيوتر للدخول على الإنترنت.

10- أشعر أن الحياة بدون الإنترنت مُمِلَّة وفارغة.

11- أتضايق إذا قاطعني أحدهم وأنا على الإنترنت.

12- الإنترنت هي التي تحدد موعد نومي، وليس أنا بقرار شخصي.

13- أفكر في الإنترنت حتى وأنا بعيد عنها (ماذا سأفعل اليوم؟ من أرسل لي؟).

14- دائمًا أقول: ”شوية“ عندما أشعر أنني يجب أن أغادر الإنترنت.

15- أفشل دائمًا في الإقلال من الوقت الذي أقضيه على الإنترنت مهما حاولت.

16- أُخفي طول الوقت الحقيقي الذي أقضيه على الإنترنت عن الآخرين.

17- أشعر بالضيق والعصبية عندما أكون بعيدًا عن الإنترنت.

قم بجمع النقاط في النهاية. إذا حصلت على 17-34 نقطة، فالوضع بالنسبة لك مقبول. إذا حصلت على 35-50 فالوضع متوسط، لكن احذر فلستَ بعيدًا عن الخطر! أما إذا حصلت على أكثر من 50 نقطة فأنت في خطر مُدقِع، وقد غُصتَ في المستنقع!!

ماذا تفعل؟

* اعترف بالمشكلة، لا تنكرها ولا تدفن رأسك في الرمال! وحدِّد خسائرك بسببها: العمر الضائع، الأفكار الشريرة، النجاسة، الاكتئاب، الفراغ الداخلي...

* اطلب التحرير من الرب تائبًا! ففي كل أنواع العبودية يمكننا أن نتأكد أنه «إن حرَّركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا» (يوحنا8: 36).

* أَعِد تشكيل حياتك وبرنامجك اليومي لتحقق ما يفيدك مستقبليًا! تذكر أن غدًا يبدأ اليوم، وما ستحصله الآن من فوائد روحية (درس كتاب، حفظ آيات...)، وفوائد عملية (تعلم لغات، تعلم برامج كمبيوتر...)، سيبقى لك!

* اهتم بالناس؛ فالله لم يخلقنا لنعيش مع شاشة ولوحة مفاتيح و”ماوس“، بل لنعيش وسط الناس ونكون سبب بركة لهم بشهادة حقيقية عن إلهنا الصالح!

* اكتشف مواهبك (موسيقى، رسم، كتابة...) واستغلها بطريقة صحيحة لمنفعتك ومنفعة الآخرين!

* اجتهد أن تستعمل النت في مكان مفتوح، وحدِّد أوقاتًا لاستعمالها واستعمل ”المنبه“ لإنهاء جلسة الإنترنت.

* اطلب المعونة من الآخرين، أن يساعدوك بالنصح والإرشاد! واطلب من أحدهم مراجعتك في مواعيد دخولك على النت، وقدِّم له تقريرًا دوريًّا عن ذلك.

* تذكر أننا نحن أيضًا على استعداد لمساعدتك! أرسل لنا وسنبذل ما يمكننا لمساعدتك!

أما إن كنت لم تصل إلى حالة الإدمان بعد، فدعني أحذرك بصدق: لا تَدَع العنكبوت يصطادك!

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf