2018 151

كبرتِ صغيرتي!!

Bookmark and Share
  • لقد كبرتِ يا صغيرتي.. كم عمرك اليوم؟!
  • خمسة وعشرون عامًا من يوم خرجت للحياة!
  • ما أسرع ما يمرُّ الزمن!
  • أوافقك جدًّا.
  • أتذكَّركِ عندما كنتِ مجرَّد حُلمٍ في رأسٍ، ورأيتكِ وليدًا بعدَ جنين، عاصرتكِ طفلة تحبو وفتاة تعدو وشابة تقومين بدورك في الحياة.
  • يبدو أن لديك الكثير لتقصه عليَّ عني!
  • بالتأكيد.
  • إذًا ابدأ بأن تخبرني كيف كنتُ حُلمًا.
  • في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي لم يكن مثلكِ في مجالك، فكان وجودكِ هو الحُلم الذي لا يفارق الخيال، حتى أصبح رؤيةً تشغل البال، ثم هدفًا نسعى إليه.
  • ألعل لهذا علاقة باسمي؟
  • إن لتسميتك قصة بالطبع.
  • قُصَّها عليَّ إذا تكرَّمت.
  • كُنَّا نبحث لك عن اسم يُشِع شبابًا ويتناسب مع المستفيدين منكِ ويصلح مدى الحياة.
  • وهل وجدتم؟!!
  • وجدنا مُرادَنا في شرح بولس لهدف حياته في فيلبي٣: ١٣-١٤: «أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى  نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ»، و“الغرض” هو “الهدف” لذا أسميناكِ “ نحو الهدف”.
  • ومن اختاره؟
  • مجموعة من المهتمين بخدمة الشباب الذين تحمَّسوا لولادتك. وما أبلغ سعادتهم جميعًا بهذا الاسم الجميل الذي ازداد رونقه مع الزمن.
  • لَكَم تسألت عن سِره! لكني أَصدُقك القول إني أُحبه جدًّا، فليس أجمل من أن يكون للواحد هدفًا يسعى نحوه.
  • هذه حقيقة يا عزيزتي. الحياة بدون هدف حياة بلا معنى، مليئة بالأخطاء والتفاهات، تمضي كما لو أنها لم تكن.
  • وهل تُسمَّى مثل هذه حياة؟!
  • صدَقتِ! إنها حياة بطعم الموت. ولا يعيدها للحياة إلا هدف قيِّم حي ينشأ من علاقة حقيقية مع الله الذي يُحيي الموتَى.
  • حدَّثتني عن الحلم، فكيف تحوَّل لواقع؟
  • كانت أول خطوة هي مجلة صغيرة يصدرها مجموعة تُعَدُّ على أصابع اليد، بإمكانيات محدودة، تصل لبضعة مئات من القُرَّاء.
  • أوَ كانت البداية صغيرة هكذا؟
  • نعم، فكل الأمور العظيمة بدأت صغيرة، لكن بالجد والعزم كبرت.
  • وما الذي تَلَا ذلك؟!
  • تحوَّلتِ إلى مُلحَق من أربع صفحات في مجلة أكبر. ثم نضجت الرؤيا، وكان القرار بالبدء في أول مجلة عربية لسن النشء المسيحي. يومها شمَّر كل واحد عن ساعِدَيْه، واستودعت المجموعة نفسها لنعمة الله، وابتدأوا في العمل ما بين كاتب ومُحرِّر ومُصَمِّم ومُنَفِّذ ومُوَزِّع.
  • كم كان عددهم؟!
  • البداية كانت أكثر من العشرة قليلاً، لكني اليوم يمكنني أن أقول إنه شارك فيكِ ٣٧ كاتبًا و٥٥ قارئًا مع بعض المواد المُترجَمة والاقتباسات، شكَّلت قرابة ٢٤٠٠ مقالة، فيها حوالي ١.٢٥٠.٠٠٠ كلمة في ١٥٠ عدد، لو صُفَّت الكلمات بجوار بعضها لعملت خطًّا طوله ١٢ كم تقريبًا. وعمل على إخراجك ١٢ من المصممين الأساسيين، وأكثر من مثلهم من المساعدين، استخدموا ١٠ أجهزة كمبيوتر، وتعاملوا مع ٩ مطابع ومكاتب فصل ألوان. شارك في مراجعة المجلة ٨ أفراد. وعمل على تتميم المهام الإدارية للمجلة ١٢ فردًا. هذا عدا الجنود المجهولين الذين شاركوا بشكل أو بآخر في إخراجك، وهم ليسوا بمنسيين لدى الرب.
  • لم أكن أتوقع أن الأمرَ كبير هكذا!
  • إجمالي ساعات العمل التي أُنفقت فيكِ من نشأتك إلى الآن يعادل ٧.٥ سنوات بلا انقطاع (٦٦٠.٠٠٠ ساعة تقريبًا). مساحة الورق التي استُخدمت في طباعتك تُعادل مساحة ٢٥٠ ملعب كرة قدم وتَزِن ٧٧ طنًّا! وبالعدد الحالي نصل تقريبًا إلى ١.٤٠٠.٠٠٠ نسخة منكِ، لو رُصَّت فوق بعضها لارتفعت بطول حوالي ١.٥ كيلومتر؛ أي أكثر من ١٠ أضعاف ارتفاع بُرج القاهرة!
  • لا أجد كلامًا للتعليق!
  • دعيني أُخبركِ أيضًا عن يوم مولدك.
  • أَخبرني، فأنا في اشتياق.
  • في صباح الخميس ٢٩/٤/١٩٩٣ ظهرتِ في أحلى ثيابك: غلاف أنيق يحمل صورة كُرة تتجه نحو هدفها على ورق مصقول وبالألوان في عددٍ من ٣٢ صفحة صغيرة. وفي شهادة ميلادك كُتبت هذه الكلمات: “صديقي.. صديقتي.. كثيرًا ما تطلعنا إلى المكتبة المسيحية العربية فأحسسنا بنقص شديد في المواد المقدمة لشباب إعدادي وثانوي، وكم صلينا لأجل ذلك مرارًا. واليوم وقد مدَّ الرب لنا يد العون لإصدار عددنا الأول الذي بين يديك، فإننا به نبدأ معًا رحلتنا «نحو الهدف». نعم، لنا هدف...”
  • وكيف تقبَّل الشباب مولدي؟
  • بلهفة شديدة حتى نفد العدد الأول واضطُررنا لطبع كمية إضافية منه.
  • وهل استمروا على شغفهم؟
  • نعم. بل دعيني أخبركِ أن الذين بدأوا قراءتك من العدد الأول وهم في سنوات الدراسة الثانوية قد ناهزوا الأربعين سنة الآن، وأعرف بعضًا منهم أولادهم يقرأون المجلة حاليًا. كثيرون من القُرَّاء القدامَى ما زالوا يتابعون المجلة بشغف. بعضهم أصبح من الكُتَّاب، وستقرأين شهادتهم على صفحات العدد.
  • لم أكن أتوقع أن الأمر بهذه الروعة!
  • بل أكثر من ذلك يا صغيرتي؛ لقد تعلمتُ منكِ وفيكِ الكثير.
  • تعلمت؟!
  • نعم، تعلمتُ أن الرب صالح وما خاب من استند عليه. مهما كانت إمكانيات الشخص محدودة ومهما كانت التحديات أمامه كبيرة.
  • بالتأكيد. وماذا أيضًا؟
  • أن التعب والاجتهاد فيما يخصُّ الله وخدمته لا يذهب هباءً أبدًا. فكم من ساعات (أو بالحري أيام) قُضيَت في غرف العمل يصارع فيها العاملون وهم لا يرون أمامهم إلا شاشات وأوراق وأدوات، وهم لا يعلمون على وجه التحديد إلى أين تذهب هذه المجهودات، ثم يشجِّعهم الرب من حيث لا يدرون بنتائج لم تكُن تخطر لهم على بال. وبالتأكيد ستُعلِن الأبدية أكثر كثيرًا.
  • يا للروعة!
  • وسترين أعظم! أصلي أن يستخدمك الرب إلى مجيئه بركةً لكثيرين كما كنتِ وأكثر، ويبارك كل جهد يُبذَل فيكِ يا صغيرتي التي كبرت!

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf