إشارة في إنجيل يوحنا عن الولادة من فوق هي يوحنا 1: 13 «الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله» أي أنه لا دخل للإنسان في موضوع الولادة الثانية لكنه «من الله».  ومن يوحنا الأولى 3: 9 نفهم أن المولود ولادة جديدة هو «مولود من الله»، وفى ص 3 من انجيل يوحنا نسمع من الرب يسوع شخصياً بصورة موسعة عن هذه الولادة فقد جاء إليه نيقوديموس وهو انسان من الفريسين ورئيس لليهود ومعلم إسرائيل، جاء إليه ليلاً، ورغم ذلك استقبله الرب يسوع، فالرب لم يكن يحيط نفسه بحرس أو حاشية تمنع وصول الآخرين إليه، وقال نيقوديموس للرب «يا معلم نعلم أنك قد أتيت من الله معلماً ... » وبهذا الكلام أظهر رغبته للرب يسوع في ان يتعلم منه الكثير والكثير لكن الرب أوضح له أنه في البداية لا يحتاج إلى التعليم لكنه يحتاج إلى ولادة من جديد؛ ولادة ثانية من فوق، لذا قال له الرب «الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله»؛ اقرأ جيداً يوحنا 3 :1- 31 ومن هذا الحديث الرائع تعال لنعرف معاً بعضاً من الحقائق عن هذه الولادة.

1- الولادة من فوق ضرورة حتمية :
قال الرب يسوع «ينبغي أن تولدوا من فوق» ع 7 لقد دخلت الخطية إلى العالم بواسطة آدم وأفسدت آدم وكل ذريته وأصبح الإنسان أعمى روحياً لا يستطيع أن يرى ملكوت الله ع 3 وبالتالي لا يستطيع أن يدخل ملكوت الله ع 5 وعندما سأل الفريسيون الرب يسوع في لوقا 17: 20 «متى يأتي ملكوت الله ؟» قال لهم الرب «... ها ملكوت الله داخلكم (أي بينكم) » فالرب يسوع كان في وسطهم لكنهم لم يستطيعوا أن يروه على حقيقته، كان يلزمهم الولادة من فوق لكى يعرفوه معرفة حقيقية ومن هنا نفهم حتمية الولادة الثانية للدخول فى علاقة حقيقية مع الله ومعرفة المسيح معرفة قلبية.

2- الولادة الثانية ولادة من فوق :
فالوالدان حتى لو كانا مولودين من فوق فانهما لا يستطيعان أن يجعلا أولادهما مولودين من فوق.  والإنسان مهما حاول بإرادته الشخصية وبممارسته لبعض الطقوس أو الفرائض أو بإذلاله الجسد وضبطه؛ لا يمكنه أن يحصل على الولادة الجديدة.  وأيضاً لا يستطيع إنسان على سطح الأرض ان يلد إنساناً آخر ولادة روحية فهي ولادة من فوق من الله.

3- الولادة من الماء والروح :
لا شك أن الروح هو الروح القدس والماء هو كلمة الله فالروح القدس يستخدم الكلمة لكى يولد الإنسان ولادة ثانية.  والآن تعالوا نعرف ماذا يقول الكتاب المقدس عن طريق كل من بولس وبطرس ويعقوب موضحين لنا ان الولادة من فوق لابد أن تتم عن طريق كلمة الله؟

أ- يقول الرسول بولس في 1كورنثوس 4: 15 «لأنى أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل».

ب- يقول الرسول بطرس في رسالته الأولى 1: 23 «مولودين ثانية... بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد»

جـ- يقول الرسول يعقوب في رسالته ص 1: 18«شاء فولدنا بكلمة الحق ... » ويوضح الرسول بولس في أفسس 5: 26 أن المقصود بالماء هو كلمة الله «... مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة» وهنا يأتي سؤال مهم وهو لماذا قال الرب يسوع «الماء» ولم يقل «الكلمة»؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول : ان كلا من الرب يسوع ونيقوديموس هو معلم (بالطبع مع الفارق العظيم بينهما) فالرب يسوع هو المعلم باعتراف نيقوديموس ع 2 ونيقوديموس معلم حسب قول الرب له في ع 10، وكل منهما قرأ ويعرف إشعياء 55، الذى يقول إن المطر والثلج أى الماء يرويان الأرض ويجعلانها تلد هكذا تكون الكلمة (أقرأ جيداً إشعياء 55: 3، 11).   والحقيقة أن هذا يحدث كثيراً فعندما يتكلم طبيبان معاً في أمور الطب فإنهما يتكلمان بلغة الطب وعندما يتكلم عالمان في الكيمياء معاً فإنهما يتكلمان بالرموز الكيميائية؛ هكذا الرب يسوع وهو يتكلم إلى معلم إسرائيل فإنه يتكلم إليه بلغة الكتاب وأمامهما إشعياء 55 التي منها نفهم ان الماء هو كلمة الله.

4- الولادة الجديدة هي ولادة ثانية تختلف تماماً عن الأولى
إن أي طفل يولد حديثاً من أمه يكون له نفس طبيعة والديه دون أية ذرة من التحسن.  لقد سأل نيقوديموس «كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟  ألعله يقدر ان يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟» والحقيقة أنه لا يقدر.  لكن حتى لو فرضنا جدلاً أنه استطاع أن يفعل هذا فإن «المولود من الجسد جسد هو» ع 6 وداود في مزمور 15: 5 قال «هأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي»، فبالولادة الأولى الجسدية يحصل الشخص على طبيعة ساقطة.  أما بالولادة الثانية يحصل الشخص على طبيعة جديدة هي طبيعة الله التي لا تفعل الخطية ولا تستطيع أن تخطئ (اقرأ يوحنا الأولى 3: 9) فالمولود من الروح هو روح وذلك يعنى الحصول على طبيعة روحية تعمل ما يرضى الله.

5- الريح والروح
كان نيقوديموس متعجباً أثناء كلام الرب يسوع عن الولادة الجديدة لذا يبين له الرب يسوع أنه في الطبيعة حولنا أسرار لا نستطيع فهمها؛ فالريح تهب حيث تشاء، لا نراها لكن نسمع صوتها، لا نعلم من أين تأتى ولا إلى أين تذهب، هكذا كل من ولد من الروح وحصل على الطبيعة الجديدة إننا لا نستطيع أن نرى كيف يستخدم الروح القدس الكلمة في ولادة جديدة لكن نستطيع أن نسمع ذلك فى الحياة الجديدة التي يعيشها المولود من الروح.