2004 69

السمكري السائح

Bookmark and Share

وُلد الطفل يوحنا عام 1928م في قرية "إليستو" وهي تبعد ميلاً واحدًا من بدفورد ببريطانيا، واسما أبويه "توماس بنيان" و"مارجريت بنتلي". ولما كان يوحنا أكبر الأولاد للأب الفقير أخرجه أبوه من المدرسة لكي يساعده في العمل كسمكري صغير.

ماتت أم يوحنا لما كان فتى في السادسة عشرة من عمره، فالتحق بالجيش، ونجا من الموت والغرق أكثر من مرة. كان يذكر دائمًا أنه كان مكلَّفًا مع زملائه الجنود أن يحاصروا مكانًا، فرجاه أحد الزملاء أن يذهب للحصار بدلاً من يوحنا، ووافق يوحنا، وقُتل هذا الصديق في عملية الحصار هذه.

كانت عناية الله المستمرة في حياة الشاب يوحنا بنيان تجعله يفكِّر كثيرًا في الله والأبدية، ولكن الأصدقاء الأشرار كانوا دائمًا ما يعطلوا أي محاولة صادقة منه للاقتراب لله.

وفي عام 1646م إنحلَّ الجيش، فرجع يوحنا إلى إليستو، وتزوج من شابة تقية. وكان يقرأ الكتاب المقدس وكُتب روحية أخرى كرغبة منه في التديّن، لكنه كان مستمرًّا مع أصدقاء السوء في ممارسة الشر والرذيلة.

ذات يوم كان الشاب يوحنا بنيان في طريقه إلى بدفورد، وسمع في الطريق بعض السيدات يتحدثن في أمور مسيحية فاقترب إليهن وشاركهن الحديث، ولأول مرة سمع عن الولادة الجديدة والحرب الروحية واختبارات العمق والشركة مع الله، وعندها أدرك بنيان أن مسيحيته ليست المسيحية الحقيقية. في ذلك اليوم دخل مخدعه وطلب من الرب يسوع المسيح أن يغيّر حياته، فنال الحياة الجديدة وتأكد وقتها أن كل أحمال خطاياه سقطت عند صليب الرب يسوع.

بدأ يوحنا يكلِّم النفوس عن المسيح المحرِّر. ودُعي الشاب السمكري ليعظ في كنائس كثيرة، وكانت الألوف تتزاحم لتسمع كلمة الرب عن طريق يوحنا بنيان الممتليء بالروح القدس. وتفرغ يوحنا بنيان لخدمة الرب يسوع.

في إبريل من عام 1660م أصدر الملك تشارلس الثاني قوانين قاسية على كل من يخدم خارج كنيسة إنجلترا، وقُبض على بنيان وسُجن لأنه رفض أن يصمت عن الكرازة بالمسيح أو حتى أن يتعهد بذلك.

أُطلق سراح يوحنا بنيان عام 1672م، أي أنه قضى 12 عامًا في السجن لأجل المسيح وكلمته.

صديقي القاري العزيز صديقتي القارئة العزيزة : استمعك تقول : يا للظلم! ولماذا سمح الله بذلك؟ الإجابة هي: «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رومية8: 28)؛

فلقد كتب بنيان في السجن أعظم الكتب من الستين كتاب التي كتبها في حياته، والتي أهمها على الإطلاق هو كتاب "السائح المسيحي" الذي يُعتبر من أكثر الكتب انتشارًا في العالم بعد الكتاب المقدس، حيث تُرجم للعديد من اللغات وقُدِّم بمختلف الطرق ككتاب أو كفيلم سينمائي. نعم.. وعُرف يوحنا بنيان من وقتها بالسمكري السائح المسيحي.

في يوم 31 من أغسطس عام1688 عبر يوحنا بنيان النهر العظيم، الذي تحدّث عنه في كتاب السائح المسيحي، إلى المدينة المحبوبة التي كثيرًا ما كان يشتاق للذهاب إليه.

صديقي القاريء العزيز.. صديقتي القارئة العزيزة.. لقد عاش يوحنا بنيان سنين طويلة متدينًا ظاهريًا ولكن لم يكن قد وُلد مِنَ الله، وربما تسألني: وما معنى الولادة من الله؟ لقد قال الرب يسوع: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ الله». قال له نيقوديموس: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أ َلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟». أجابه الرب يسوع: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ الله» (يوحنا3: 3-8) فالولادة الثانية بالماء أي كلمة الله (انظر إشعياء55: 10 ،11؛ أفسس5: 25 ،26؛ 1بطرس1: 23؛ يعقوب1: 18)، وبالروح القدس (انظر مزمور104: 30). والفرق بين المتدين ظاهريًا والمولود من الله فرق عظيم جدًا: في نظر الله، وفي حياتك، وفي أبديتك أيضً. حتى وإن كان البشر يمكن أن يخلطوا بين التدين والولادة من فوق كالخلط بين الأزهار الطبيعية والأزهار البلاستيكية الصناعية، لكن الرب يسوع يعرف القلب فيقول لمثل هذا النوع من المخادعين: «يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا» (متى15: 7 ،8). أخاف عليك أن تكون متدينًا ظاهريًا فقط لأنك ولدت في بيت مسيحي دون أن تتقابل مقابلة شخصية مع الرب يسوع، فهل تعرِّض نفسك لجهاز أشعة الطبيب العظيم يسوع المسيح وتصلي قائلاً له مع داود:

اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي واعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، واهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّ.. قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي (مزمور139: 23 ،24؛ 51: 10) آمين.

زكريا استاورو
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf