2007 87

برية سيناء (العجل الذهبي)

Bookmark and Share

مضى ما يقرب من أربعين يومًا قضاها موسى على جبل سيناء.  فيها أخذ من الرب لوحي الحجارة والشريعة والوصية، وأيضًا تعليمات صنع خيمة الاجتماع.  وكنا ننتظر نزول موسى ليزف البُشرى العجيبة للشعب: أن الله سيسكن في وسطنا.  وأن الشعب سيطير فرحًا بهذا الخبر، وبكل همة ونشاط يصنعون المسكن.  ولكن، وللأسف، لم يحدث شيء من هذا.  بل نزل موسى فماذا رأى:

العجل الذهبي (اقرأ خروج32)

يا لقلب الإنسان!  في ذات الوقت الذي أظهر الله لموسى على الجبل شهوة قلبه في أن يسكن وسط شعبه، كان الشعب أسفل الجبل يظهرون لهارون شهوة قلوبهم في آلهة تسير أمامهم!  ولأن هذا الأمر أصابهم مثالاً، وحتى لا نكون عبدة أوثان مثلهم (1كورنثوس10: 7، 11)؛ هيا نتعلم هذه الدروس:

1- الإيمان والعيان:

الإيمان الحقيقي هو الذي يثق ويستند ويسير ويسجد لإله لا يُرى بالعين ولكن يُحَب بالقلب (1بطرس1: 8).  أما العيان فيبحث عن عبادة شيء تراه بالعين وتلمسه اليد.  وهذا هو التدين الظاهري، الذي فيه يبحث الإنسان الطبيعي عن مظهر خارجي حسن، مع الإبقاء على الجوهر الداخلي الفاسد. والشعب هنا ترك عبادة الإله الحي لأنه لا يراه، مفضِّلاً عبادة عجل يراه!!

2- كسر الوصايا:

في هذا الحادث كسر الشعب أول 3 وصايا من الناموس:

«لا يكن لك آلهة أخرى»؛ وهم قالوا: اصنع لنا آلهة تسير أمامنا!

«لا تصنع لك تمثالاً منحوتًا»؛ وهم صنعوا عجلاً مسبوكًا!

  «لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً»؛ وهم قالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل!

3- الخطية وفعل الإرادة الذاتية:

أ- لم يفعلوا شيئًا ممّا أمر به الرب «يضعون لي مقدسًا»، ولم يمتنعوا عن شيء نهى عنه الرب (8 وصايا تبدأ بـ“لا”)؛ لكنهم فعلوا إرادتهم “اصنع لنا”.

ب- كانت رغبة الرب أن يعبدوه ويعيّدوا له عندما يأتون إلى حوريب (خروج3: 12)، وعندما أوصلهم الرب عبدوا وعيّدوا للعجل!

4- خميرة صغيرة:

خرج الشعب من مصر ولم تخرج عجولها - أوثانها - من قلوبهم.  فالصورة التي أتقن هارون صنعها كانت للعجل.  ومرّت الأيام وجاء يربعام بن نباط وعمل عجلين من ذهب (1ملوك12)، ثم في أيام آخاب أصبحت عجولاً كثيرة (2ملوك10: 29)، ثم أصبحت عجولاً وتيوسًا في أيام رحبعام (2أخبار11: 15).  فاحترس وتحرّز صديقي القارئ من الخطايا القديمة والثعالب الصغيرة.

5- زرع وحصاد:

فرح الشعب بأعمال أيديهم، وأكلوا وشربوا، ورقصوا أمام العجل؛ فكان لا بد أن يشربوا المُر «فأخذ موسى العجل الذي صنعوا وأحرقه بالنار وطحنه حتى صار ناعمًا، وذرّاه على وجه الماء وسقى بني إسرائيل» (ع20).  وأيضًا مات في نفس اليوم ثلاثة آلاف رجل (ع28).

6- الوسيط والعلاج:

نزل موسى وفي يده لوحان، هما صنعة الله والكتابة كتابة الله.  وبعد ما رأى ما رآه؛ كان لا بد أن يحدث أمر من إثنان: إما تطبيق المكتوب وفناء الشعب، أو كسر اللوحين.  وكسر موسى - الوسيط - اللوحين.  وهيا لنرى المفارقة بين موسى وما فعله، وبين الوسيط الواحد وما فعله:

1- نزل موسى من الجبل.. ونزل المسيح من عند الله آخذًا صورة عبد (فيلبي2: 6-8).

2- كانت الشريعة في يد موسى.. وشريعة الله في أحشاء المسيح (مزمور40: 8).

3- كسر موسى اللوحين.. والمسيح عظّم الشريعة وأكرمها وتممها في حياته.  ويا للعجب حمَلَ لعنة الناموس في موته!!

4- غضب موسى عندما رأى العجل.. والمسيح جاء مملوءًا نعمةً وحقًّا، وحَمَل عنا كل الغضب.

5- سقى موسى الشعب مما فعلوه.. والمسيح شرب كأس مرة وأعطانا كأس الخلاص

6- يوم نزول موسى مات ثلاثة آلاف نفس.. ويوم نزول الروح القدس نال الحياة بالإيمان بالمسيح ثلاثة آلاف نفس.

7- صعد موسى مرة ثانية وهو يقول «لعلّي أكفر خطيتكم» (ع30).. والمسيح «هو كفارة لخطايانا» (1يوحنا2: 2).

صديقي: إن عبادة الأوثان ليست بالضرورة أن تكون صنمًا حرفيًا.  بل هو أي شيء يأخذ مكانًا في القلب الذي يجب أن يكون للمسيح فقط.  مثل العلاقات والميول الشريرة والشهوات الردية والطمع...

فلتكن قلوبنا له وحده، وليكن هو فقط موضوع عبادتنا ومحبتنا ونبع أفراحنا.

معين بشير
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf