2007 87

الرقم 40

Bookmark and Share

الرقم 40 هو واحد من الأرقام الشائعة والكثيرة الورود في الكتاب المقدس.  فنحن نقرأ كثيرًا عن الرقم 40 بالارتباط بالأيام، كما نقرأ أيضًا كثيرًا عن فترة 40 سنة، وأيضًا عن 40 شخصًا.

ومن تتبّعنا لهذا الرقم في الكتاب المقدس سنكتشف أنه يحدِّثنا عن مسؤولية الإنسان التي فشل فيها، ولم يستطع أن يتمِّمها سوى الرب يسوع المسيح الذي ظهر في مشهد فشلنا وانتصر لحسابنا.

وكعيّنة مما سبق دعنا نستعرض الآتي:

 

40 يومًا

تتكرر فترة الأربعين يومًا مرّتين في قصة نوح والطوفان؛ فكانت فترة الطوفان على الأرض هي مدة أربعين يومًا (تكوين 7: 4، 12، 17).  ومرة ثانية بعد أن استقر الفلك على جبال أراراط، فإن نوحًا انتظر مدة أربعين يومًا قبل أن يفتح طاقة الفلك ليستكشف حالة الأرض (تكوين8: 6). 

ثم نقرأ عن هذه الفترة عينها مرتين في حياة موسى.  والمرتان كانتا حينما صعد موسى فوق الجبل ليتقابل مع الله ويأخذ منه الناموس.  في المرة الأولى، نزل موسى من محضر الله وهو غضبان غضبًا مقدسًا؛ بسبب عبادة الشعب للعجل الذهبي، فكسر لوحي الشريعة أسفل جبل سيناء، ولو لم يفعل ذلك لكان الله قد أفنى الشعب في لحظة (خروج 32؛ تثنية 9: 9، 11).  وأما في المرة الثانية فقد كان وجه موسى يلمع من تأثير وجوده في محضر الله.  وهكذا فإن وجودنا مع الله له تأثيره الواضح على وجوهنا؛ إذ يملأه بالإشراق والنور (خروج 34: 28-35؛ تثنية 9: 18)!

ثم نقرأ عن فترة الأربعين يومًا مرتين أيضًا في حياة الرب يسوع المسيح: مرة في بداية حياته، عندما كان يُجرَّب في البرية من إبليس (متى4: 1-11؛ لوقا4: 1-13)، فانتصر عليه نصرة عظيمة؛ والمرة الثانية بعد أن هزم العدو في الصليب، وبعد أن قام من الأموات، ظل يُظهر ذاته لتلاميذه لمدة أربعين يومًا، قبل الصعود إلى السماء (أعمال1: 3).

ثم ترد مرة في حياة كل من يعقوب ويوسف، عندما أمر يوسف أن يتم تحنيط أباه، فحنطوه في مدة أربعين يومًا (تكوين 50: 1-3).

ومرة عندما أرسل موسى الجواسيس الإثني عشر إلى أرض كنعان، ومكثوا هناك أربعين يومًا، وعادوا بأخبار الأرض.  وكان نتيجة عدم إيمان الشعب وعشرة من الجواسيس المرسلين، أن سقطت جثثهم جميعًا في القفر، ولم يدخل أرض الموعد من الشعب الخارجين من مصر، إلا يشوع بن نون وكالب بن يفنة (عدد13: 25؛ 14: 34). 

كما وردت فترة الأربعين يومًا في قصة داود، عندما عيَّر جليات الفلسطيني شعب الله لمدة أربعين يومًا، إلى أن ظهر في المشهد داود بن يسى، الذي قتل جليات الجبار، وخلّص الشعب من تعييره (1صموئيل17: 16).  وهو صورة جميلة للمسيح ابن داود، الذي ظهر بعد 40 قرنًا من سقوط آدم في الخطية، وخلَّص البشرية من تعيير الشيطان، كقول الرسول عن المسيح: «لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس؛ ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت، كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية» (عبرانيين 2: 14-15).

وذُكرت فترة الأربعين يومًا أيضًا بالنسبة لإيليا، عندما هرب من وجه إيزابل الشريرة التي كانت تريد قتله، ولكن الرب أرسل ملاكًا لإيليا، ومعه كعكة وكوب من الماء، فأكل إيليا وشرب، وسار بقوة تلك الأكلة المعجزية أربعين يومًا (1ملوك19: 8). 

كما ذكرت هذه الفترة مرة أخرى في قصة يونان النبي، عندما نادى لمدينة نينوى قائلاً: «بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى» (يونان 3: 4)، ولما تابت المدينة عفا الله عنها. 

وأخيرًا نجد هذا الرقم في قصة حزقيال النبي، عندما - تنفيذا لأمر الرب - نام على جنبه الأيمن لمدة 390 يومًا، عن إثم بيت إسرائيل؛ ثم نام على جانبه الأيسر لمدة أربعين يومًا عن إثم بيت يهوذا، بما يعادل يومًا عن كل سنة من سنين شرهم، ليحمل - في صورة رمزية - خطية شعب إسرائيل (حزقيال 4: 4-6). 

 

مما تقدَّم نجد أننا نقرأ عن الرقم أربعين في 12 مناسبة في الكتاب المقدس.  ويلفت النظر أن أول هذه المرات ورد بالارتباط بدينونة الخطية (تكوين 7)، المياه الكثيرة والغامرة التي نزلت على الأرض والبشر الخطاة، وكذلك على الفلك، الذي هو رمز للمسيح المخلص؛ وأما آخر مرة فوردت بالارتباط بالشخص الذي احتمل فوق الصليب دينونة الخطية نيابة عنا، فرفع الخطية، وأبطل الخطية بذبيحة نفسه (أعمال 1). 

أول مرة كانت بالارتباط بفشل الإنسان، وبالموت والدينونة نتيجة هذا الفشل، وآخر مرة وردت بالارتباط بالمسيح الذي قام من الأموات معلِنًا نصرة الحياة على الموت، من ثمّ، فقد أتى بالبركة بدلاً من الدينونة، حيث إنه رفع يديه بالبركة مباركًا تلاميذه قبل صعوده إلى السماء.

 

40 سنة

عاش موسى 120 سنة وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام كل منها 40 سنة (أعمال7: 23، 30، 36).

40 سنة في قصر فرعون حيث تهذَّب بكل حكمة المصريين، ثم 40 سنة كان فيها يرعى غنم يثرون حميه، وأخيرًا قاد شعب الله الذي أخرجه الله بواسطته من أرض مصر، وسار بهم 40 سنة في برية سيناء حتى وصلوا إلى أرض كنعان.

ثم إن أول ثلاثة ملوك في تاريخ شعب الله، وهم على التوالي شاول وداود وسليمان، كل منهم ملك على الشعب لمدة 40 سنة. 

 

40 شخصًا:

يذكروننا “بالأربعين حرامي” في القصة المشهورة.  ففي سفر أعمال الرسل نقرأ عن 40 شخصًا حرّموا أنفسهم أنهم لن يذوقوا طعامًا قبل أن يقتلوا الرسول بولس (أعمال23: 21).  ونحن نعلم أنهم لم يقتلوا الرسول بولس، ويقينا أكلوا، وضاع عليهم النذر الذي لم يستطيعوا أن يَفوا به، هؤلاء الذين كانت غيرتهم وتعصّبهم الأعمى أكبر بكثير من ذكائهم، بل ومن إمكانياتهم.  فخادم المسيح ليس في يد أي شخص، أو أربعين شخصًا، ليقرِّروا نهاية حياته كما يحلو لهم؛ بل هو في حفظ الله نفسه، ولن تسقط  منه شعرة بدون إذن الآب السماوي المجيد.

يوسف رياض
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf