2007 86

خلاص رغم الإعدام

Bookmark and Share

أكاد أسمعك تتعجب، وأنت تقرأ هذا العنوان: “كيف يكون خلاص رغم الإعدام؟!  فإما خلاص وإما إعدام!”.  لهذا دعني أشاركك بهذه القصة الواقعية التي حكاها خادم الإنجيل “برنابا نوس” الذي خدم المسيح بأمانة لسنين طويلة، وربح الكثيرين للمسيح سواء في بلادنا المصرية أو في الأردن وبلاد الشام.

هذه القصة حدثت معه عندما كان يخدم الرب في شرق الأردن سنة 1929م، حيث كان في زيارة لسجن المحطة بمدينة عَمَّان.  وهناك تقابل مع متهم اسمه “إبراهيم سيدهم” محكوم عليه بالإعدام شنقًا لاتهامه بقتل ضابط لبناني.  وكان الإعدام سيتم في الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي.  وبعدما تحدّث الخادم مع المتهم عن المسيح المخلِّص، وكيف أن الإيمان الحقيقي بما أتـمّه المسيح على الصليب يمتّعه بالسلام الحقيقي الأبدي؛ لاحظ الخادم أن المتهم لم يستَعِب بشارة الإنجيل ولم يستجب لها.

عرف خادم الرب “برنابا نوس” من الضابط المسؤول في السجن، أن القانون يسمح له بالتحدث في أمور دينية مع المتهم إلى ما قبل الشنق بخمس دقائق.  قال “برنابا نوس”: “في صباح يوم الإعدام ذهبت لمقابلة إبراهيم باكرًا.  ونظرت إليه قائلاً: أعلَم يا إبراهيم أن اعترافك للحكومة سوف لا يخفف عنك وطأة الحكم، ولكن إن اعترفت لشخص الرب يسوع المسيح الذي مات لأجلك على الصليب ليفتديك، وآمنت به كمخلِّصك الشخصي، سيغفر لك جميع ذنوبك، وستدخل السماء، وسترى المسيح وجهًا لوجه بعد 15 دقيقة من الآن.  نعم ستغمض عينيك هنا، ولكنك ستفتحها هناك في الفردوس مع المسيح، وسترى أحب الأشخاص والقديسين في انتظارك.  ستدخل السماء مُطهَّرًا بدم الرب يسوع.  هل تقبله يا إبراهيم؟”.

ظل إبراهيم صامتًا إلى أن قرأ خادم الرب له هذه الآيات: «هَكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ.  يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ.  يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ...».  حتى وصل في القراءة للآيات: «وَمَتَى لَبِسَ هَذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ وَلَبِسَ هَذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ» (1كورنثوس15: 42-54).  وعندها لمع وجه المتهم “إبراهيم سيدهم” بسلام قوي حقيقي داخلي، انعكس على وجهه، حتى أن القضاة والمحامين وأعضاء النيابة، ومن بينهم حاكم مدينة “السلط” بالأردن، لاحظوا هذا التغير الكامل في تعبيرات وجه المتهم.  وقال بعدها حاكم مدينة السلط لخادم الرب برنابا نوس، إن كلمة الله من الكتاب المقدس تركت في داخله هو شخصيًا أيضًا تأثيرًا لن يمحيه الزمن.

أخذ إبراهيم الكتاب المقدس وهو مفتوح من برنابا نوس، وقرَّبه إلى صدره، ووضع إصبعه على هذه الكلمات العظيمة، «فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ».  وعندها أخذ يترنم مع الخادم بصوت مسموع كلمات الترنيمة الخالدة:

مولاي قد مالَ النهار
والعمر ولـّــى كالغمامْ
فامكُثْ معي يا سيدي
  وليس للسعي اقتدارْ
وقد دنا وقتُ المنامْ
فامكثْ معي يا سيدي

 

وهنا صلى إبراهيم سيدهم مع برنابا نوس بصوت مسموع، مسلِّمًا نفسه بالكامل بين يدي الرب يسوع.  شجَّعه الخادم، وبعدها اقتادوا إبراهيم إلى المشنقة.  ولقد قال ضابط السجن بعد الإعدام، للقس “برنابا” أنه عندما سُئل إبراهيم سيدهم: “ماذا تريد قبل أن تموت؟”، أجاب: “لست أريد شيئًا، وإنما أطلب السماح من كل من أسأت إليه منكم ومن غيركم، وأنا أتمتع بالغفران الكامل لكل من أساء إليَّ”.

صديقي القاريء العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، بمن يذكِّرك “إبراهيم سيدهم”؟  إنه يذكرني بمتهم آخر خلُص رغم تنفيذ الإعدام.  هل تعرف قصة اللص الذي كان يُعدَم صَلبًا بجوار صليب الرب يسوع المسيح؟  لقد كان في البدايه مع اللص الآخر يعيّر المسيح ويستهزئ، «وَكَذَلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا... وَبِذَلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ» (متى17: 42-44).  ولكن بعد وقت آمن هذا اللص القاتل بالمسيح كما آمن “إبراهيم سيدهم”، «وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: “إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا”!  فَانْتَهَرَهُ الآخَرُ قَائِلاً: “أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ”.  ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: “أُْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ”.  فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: “الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ”» (لوقا23: 42، 43).  وبعدما ترك الحياة هنا، تغيَّر الحال؛ فاللص التائب تمتع، في الحال، بما وعده به المسيح الـمُنـزَّه عن الكذب: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».  لقد خلص رغم الإعدام.

عزيزي القاريء .. عزيزتي القارئة، ربما ستقول: “ولكن أستبعد أن تنتهي حياتي بالإعدم!”.  أجاوبك: “نعم.  ولكن ليس من المهم الطريقة التي تنتهي بها الحياة، ولكن المهم أين ستكون في الأبدية؟  هل تريد أن تكون مع المسيح؟”.  تعال الآن إليه وصلِّ معي:

في كل مخاوف الحياة والظلام،

أنت سفينتي وفيك السلام،

اغسلني بدمك طهرني من الآثام،

واهدني في الحياة ولنهاية الأيام،

وإلى الأبدية قُدني بالتمام..

آمين.

زكريا استاورو
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf