2006 81

لمبة البنزين

Bookmark and Share

حكي لي الدكتورشريف عازر، طبيب التخدير بلوس أنجلوس بأمريكا، هذه القصة الحقيقية التي حدثت معه وكانت سببًا في تغيير حياته· وإليك القصة كما رواها لي:

حدث ذلك في يوم الخميس 24 نوفمبر 1994م، وكان ذلك اليوم هو عيد الشكر Thanksgiving Day بأمريكا حيث من المعتاد أن تجتمع كل عائلة معًا على الغذاء، الذي في العادة يكون من الديوك الرومية· كان الدكتور شريف مسرعًا للعودة من عمله للبيت، بسيارته المرسيدس السوداء اللون، حتى يشارك عائلته الاحتفال بعيد الشكر· وفي الساعة الثالثة ظهرًا كانت لمبة البنزين (مبيّن الوفود) تتحول للون الأحمر، لتنذره بنفاد البنزين من العربة· ولكن الدكتور شريف لم يتحذّر، بل كان يفكر في روعة الاحتفال في المنزل بالعيد مع العائلة· لم يأخذ تحذير لمبة البنزين على محمل الجَدّ، وكان يشعر أنه حقَّق ما يريد وهو يقترب من البيت· ولكن على بُعد ميل واحد من البيت، على طريق جلندال السريع Glendale Freeway بجوار مخرج فرديجو Verdugo Exitتوقّفت السيارة فجأة في الناحية اليمنى من الطريق، بعد أن نفد البنزين· وكان عدد السيارات على الطريق قليل جدًا، إذ كان الجميع يحتفلون بعيد الشكر· وبينما الدكتور شريف يجلس في كرسي القيادة ويحاول الاتصال بصديق ليساعده، توقفت أمامه سيارة قديمة بنية اللون ماركة هوندا ونزل منها شاب يبلغ من العمر حوالي 26 عامًا، تقدَّم تجاه نافذة السيارة حيث كان الدكتور شريف يجلس أمام عجلة القيادة، وقال له: "أنت تحتاج لمساعدة!" وانحنى على النافذة ويداه داخل العربة، حتى لا يرى أحد بالخارج ماذا يفعل، ووجَّه مسدسًا بيده لرأس الدكتور شريف· وطلب منه أن يعطيه كل شيء معه من نقود وكروت النقدية ودفتر الشيكات والتليفون المحمول والساعة وحتى النظارة، بعدما تأكد أن السيارة لا تتحرك ولا يمكنه سرقتها· وكان الدكتور شريف قد عرف رقم سيارة مهاجمه الواقفة أمامه، ولأن مرور العربات في الطريق كان نادرًا جدًا والكثيرون يتعاطون المخدرات والخمور في مثل هذا اليوم بصورة مفرطة؛ فكان من الطبيعي أن يطلق المهاجم الرصاص على الضحية حتى يتأكد من أنه لن يبلغ البوليس بعد أن عرف رقم السيارة· لكن بعدما أعطى الدكتور شريف كل شيء بهدوء للشاب الذي هاجمه، تركه الرجل بعد ما أخذ كل ما أراد، وركب سيارته القديمة وترك الطريق بسرعة جنونية؛ والدكتور شريف يشكر الله أن حياته لم تنتهِ، وأن الله وهبه عمرًا جديدًا، رغم أنه لم يتحذّر من لمبة البنزين الحمراء· وبعد ما سار على قدميه حوالي نصف ساعة، استطاع أن يتصل بصديق له، أحضر له الوقود، ورجع بسلام إلى بيته·

كان عيد الشكر، بالنسبة للدكتور شريف، هذا العام، مختلفًا جدًا؛ فلمبة البنزين الحمراء التي أهمل أنذارها له ذكَّرته بلمبة بنزين الحياة، ورغم كونه متدينًا مسيحيًا، لكنه لم يكن له علاقة شخصية مع الرب يسوع، ولم يكن يتمتع بالسلام الإلهي الخاص تجاه الأبدية، ولم يكن مستعدًّا للقاء الله، كما هو مكتوب: «فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ» (عاموس4: 12)· لهذا، ومن هذا اليوم، أعطى كل حياته للرب يسوع، بعد أن تقابل بالإيمان، مقابلة شخصية، مع المسيح· وكأنه يقول في عيد الشكر مع داود النبي: «مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟ كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو» (مزمور116: 12 ،13) «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ· الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ··· الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ» (مز103: 2-4)·

عزيزي القاريء، عزيزتي القارئة·· هل لاحظت لمبة البنزين في حياتك؟ هل رأيتها تتحول للَون الأحمر؟ فتحذّر من الإهمال، فمكتوب: «ِفَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هَذَا مِقْدَارُهُ؟» (عبرانيين2: 3)· ولا تستهِن بتحذيرات الله فمكتوب: «ِلذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ··· أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ؛ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ واسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (رومية2: 1-5)

كم من المرات أنذرك الله لكي ترجع وتعود إلى أحضانه، وأنت لم تبالِ؟ ربما كانت لمبة البنزين في حياتك أخطار واجهتها، أو حوادث رأيتها ورأيت البعض يموتون أمام عينيك، ربما زلازل أو حروب أو أمراض فتّاكة· ويمكن أن تكون لمبة البنزين في حياتك ترنيمة سمعتها وتأثرت بها لكنك أهملت الرجوع لله، أو عظة، أو آيه من الكتاب المقدس، أو نبذه كلّمك الله من خلالها لكنك أهملت صوته· وقد تكون لمبة البنزين في حياتك خير وفير أكرمك الرب به لكنك لم تشكره أو حتى تذكره· أو أن تكون خيانة تعرّضت لها، أو فشل في أمر ما· كلها سمح بها الله؛ لتترك ثقتك في نفسك وفي الناس، وتعلن عطشك واحتياجك لله· لكنك أهملت لمبة البنزين!

كل ما ذكرته لك كان يبدأ بـ"ربما"؛ لكن الأكيد أن لمبة البنزين الحمراء، التي ستظل أمامك باللون الأحمر دائمًا، هي دماء المسيح التي سالت لأجلك ولأجلي على الصليب لأنه يحبك· ألا تسأل نفسك: لماذا قاسى المسيح كل هذا؟! الإجابة: ليفديني ويفديك· أدعوك أن تقرأ أشعياء53 «وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا· تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا· كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا،·مِلْنَا كُلُّ واحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، والرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا»· فهل تتحذر من لمبة البنزين الحمراء، وتعمل كما عمل الدكتور شريف وتصلي معي:

صلاة: يا رب يسوع أنت أحنّ صديق·· أشكرك لأجل تحذيرك الرقيق·· إنني للخطية عبدٌ من الرقيق·· فحررني لأبدأ معك الطريق·· وأشهد عن دمك الذي لأجلي قد أُريق·· أمين

زكريا استاورو
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf