2004 66

حبيبي.. أحمر

Bookmark and Share

الألوان فن وعلم، بل وشعور بالامتنان للخالق الحنّان. وعندما نطل في كتاب الطبيعة قد نُبهَر بمنظر زهرة أو فراشة أو طاووس بألوانه الزاهية، فنسجد قائلين «ما أعظم أعمالك يا رب، كلها بحكمة صنعت».

لكن ماذا عن الألوان في كتاب الله، الموحى لا بالكلمات فقط بل وبالحروف، والذي أمامه يحلو لي وللملايين الوقوف؛ لذا رحت في رحابه أطوف ومن ألوانه لنا هذه القطوف. وجدنا في العدد السابق الطهر والنقاء في اللون الأبيض، وفي هذا العدد نري المحبة والتضحية والفداء.

اللون الأحمر هو لون البهجة والحياة من جهة، والحرب والعصيان من جهة أخرى. ويُعتبَر اللون الأحمر واحد من ثلاثة (مع الأصفر والأزرق) تكوِّن الألوان الرئيسية.. ونرى فيه:

1- الطاعة والتكريس

كان لخيمة الاجتماع أغطية (خروج26) من الأرجوان والقرمز (لونهما أحمر) وهما يشيران إلى مجد المسيح كالملك. أما الغطاء الذي من جلود كباش محمرة فيعلن لنا أمانة المسيح نحو شعبه، وطاعته وتكريسه حتى الموت. فلكي يتطهر الشعب من النجاسة، كان لا بد أن تُذبح بقرة حمراء (عدد19)، أي بقرة وُلدت هكذا حمراء. فالمسيح جاء ليفدي، فهو الذي قال «أيها الآب نجني من هذه الساعة. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة» (يوحنا12: 27).

2- التضحية والفداء

كان أحد المسافرين إلى الهند مسافرًا في عربة، في طريق وعر، مع بعض الهنود. وكان من بين المسافرين رجل طاعن في السن مريض جدًا، فنقلوه من العربة ووضعوه على جانب الطريق ليموت. وإذ شعر المرسل بقلق من ناحية نفس هذا الشخص، ذهب إليه وسأله: هل سمعت عن يسوع؟ فأخرج الرجل العجوز من جيبه ورقة صغيرة حمراء مكتوب عليها «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية» (1يوحنا1: 7). وبهذه الإجابة أدرك المرسل أن العجوز يستند على محبة المسيح ودمه الثمين.

3- علامة أمانة

سَمَعَت فآمنت.. آمنت فأثمرت.. ربطت فسلمت.. تكبرت فاحترقت.

من هذه التي آمنت؟ إنها راحاب الزانية، التي قالت «سمعنا فذابت قلوبنا» (يشوع2: 11)، وبعد أن آمنت أثمرت، إذ طلبت أيضًا لأجل كل بيتها. ثم طلبت علامة أمانة، فأعطوها حبلاً من خيوط القرمز (ذات اللون الأحمر) لتربطه في كوة بيتها كعلامة مميِّزة لبيتها، وهكذا ربطت الحبل القرمزي فسلمت من الموت. أما أريحا، تلك المدينة الملعونة، فلم تتّضع فاحترقت كلها إلا بيت راحاب الزانية حيث العلامة الحمراء. وما الكوة التي يتدلى منها خيوط القرمز سوى رمز للدم الغالي الذي خرج من جنب المسيح الفادي.

4- علامة رضا وابتسامة

قبل الطوفان، تطلع الله إلى الإنسان وتأسف في قلبه، وأمر نوحًا أن يصنع فلكًا، وعقب خروج نوح من الفلك، وبعد أن أقام مذبحًا للرب وقدّم محرقات، تنسم الله رائحة الرضا (تكوين8: 21)، وأكثر من ذلك أعلن الله علامة أخرى هي «علامة الميثاق» (تكوين9: 12-17)، علامة ابتسامته ورضاه على أن لا يعود ويغرق الأرض بطوفان مرة أخرى، وهي ظهور قوس قزح (والذي يتكون من ألوان الطيف التي تبدأ بالبنفسجي وتنتهي بالأحمر). حتى في سفر الرؤيا (4: 3) يظهر حول العرش قوس قزح علامة أن الرب سيحفظ وعوده رغم الدينونات القادمة على الأرض.

5- علامة الانتصار وبهجة القيامة

«ولما كانت عشية ذلك اليوم، وهو أول الأسبوع، وكانت الأبواب مغلّقة حيث كان التلاميذ مجتمعين، لسبب الخوف من اليهود، جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم: سلام لكم. ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه (آثار الجروح والدماء) ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب» (يوحنا20: 19،20). فلا شيء يفرح القلب ويبهجه سوى رؤية المسيح والتأمل في محبته.

6- الغفران وحياة الاستقامة

قال أحد خدام الرب المعاصرين: لم يكن أبي يصدق أنني أتغير وأصير مؤمنًا في يوم من الأيام، وكان دائمًا يقول لي «إن دققت الأحمق في هاون بين السميذ بمدقّ لا تبرح عنه حماقته» (أمثال27: 22)، و«هل يغيّر الكوشي جلده أو النمر رقطه» (إرميا13: 23). وحدث ذات مرة أني قبلت دعوة لحضور إحدى الفرص التبشيرية، وكانت دعوة الله واضحة كل الوضوح، إذ كان صوت الرب لي «هلم نتحاجج يقول الرب: إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضّ كالثلج، إن كانت حمراء كالدودي (صبغة ثابتة) تصير كالصوف» (إشعياء 1: 18). وقبلت أن أدخل مع الرب في أروع مُحَاجة، وقلت له: يا رب إنّ خطاياي مثل لطخات القرمز، وكصبغة الدودي. فما الذي يبيضها وينظفها ويطهرها؟ فسمعت الخادم يقول إن «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية»، فصدّقت وتُبت، وهكذا تغيّرت، ورجعت فرحًا. وعندما قابلت أبي قلت له: يا بابا لقد تغير الأحمق، وتبدل الكوشي.

نعم مهما كانت خطايانا ومهما كان بُعدنا، فالمسيح يطهِّرنا ويقربنا إلى الله.

7- الانتقام والدينونة

رأى إشعياء المسيح في صورة شخص قوي وبهي فسأل «من ذا الآتي من أدوم بثياب حُمر… ما بال لباسك محمَّر وثيابك كدائس المعصرة؟» (إشعياء63: 1،2)، وهذه إشارة للدينونة القادمة على كل أعداء الرب «جماهير جماهير في وادي القضاء» ليقضي عليهم ويدوسهم في معصرة غضبه (يوئيل3: 13،14؛ رؤيا14؛19). ولكن شكرًا للرب لأن:

«لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رومية8: 1).

صفوت تادرس
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf