2004 66

نحو الهدف في سجن المخدرات

Bookmark and Share

لاحظت الفرح يشعّ من عينيه وهدوء النعمة ينطق بالسلام على وجهه، فتأكدت أنه لا بد من أسباب لذلك. توجهت بالسؤال للشاب شاهين شاهين، عندما تقابلت معه في عمان بالأردن مؤخَّرًا، فأجابني: نعم لا بد من الفرح، كيف لا وقد تحرّرت من قيود كثيرة أبسطها كان كفيلاً لا أن يدمي معصمي فقط، بل أن يذهب بي للقيود الأبدية في الجحيم إلى أبد الآبدين. لقد وُلدت ببلدة ترشيحا بالجليل الأعلى في 2/9/1980 من أسرة مسيحية بالاسم، ورغم أن الرب يسوع عاش بالجسد في هذه المناطق لكني لم أكن أعرف عنه إلا بعض القصيصات القصيرة التي سمعتها عنه في طفولتي المبكرة. عندما كان عمري 8 سنوات كنت أعمل في محل للقمار يمتلكه أبي، وبسبب الخلافات الأسرية المتكرّرة كنت لا أستطيع النوم بالليل، فأدمنت المخدرات مبكِّرًا. عندما كان عمري 15 عامًا كنت مدمنًا لمختلف أنواع المكيفات بدءًا بالسيجارة حتى الهروين، وعندما بلغت من العمر19 عامًا كنت أمتلك محلان للقمار، حتى من المكسب أستطيع أن أحصل على ثمن جرعات المخدرات، وفي هذا العمر أيضًا كنت أتاجر في المخدرات. وما كان يعكِّر صفو حياتي سوى كلمات جاري وصديقي السابق وسام الذي ترك العيشة معنا في الإدمان وما يصاحبه وبدأ يذهب للكنيسة، بالرغم من أنه كان قبل ذلك أكثر شباب المنطقة تجديفًا على الله. ومنذ ذلك الحين شهد لي أكثر من مرة بأن المسيح يحرِّر من العادات والإدمان؛ لكني كنت أستهزئ به وأتهمه بأنه واقع تحت تأثير ديني متطرف أو نفسي متقلب.

في شهر تشرين الاول (أكتوبر) من عام 2002 قُبض عليَ وسُجنت بسبب الإتجار في المخدرات. وفي السجن كان من السهل أيضًا شراء المخدرات. علمتُ وأنا في السجن بأن المشاكل الأسرية حطّمت أسرتي تمامًا، وفي محاولة لنسيان الأمر ضاعفتُ جرعات المخدرات، لكن دون جدوى. نفدت أموالي تمامًا، ورفض تاجر المخدرات في السجن أن يعطيني مجانًا، رغم كل وعودي له بالتسديد.

أخذت أتوسّل إليه أكثر من ساعة من الزمان وأنا راكع تحت قدميه أقبِِّلهما متوسلاً متذللاً مُحطَمًا ومُعذَبًا، وبعدما ركلني بقدميه رمى لي الجرعة، لكني لم أستخدمها إذ قررت الانتحار بسبب المذلة التي عانيتها.

كانت الساعة تعلن الحادية عشرة مساءً، ولأول مرة فكّرت بعمق في الموت والأبدية؛ فشعرت بخوف رهيب من الأبدية التي سأواجهها بعد لحظة من الانتحار! تصوّر أمامي كل تاريخي الأسود من شرور وفجور، وكم من النفوس سلبتُ أموالهم وحريتهم وشرفهم بالقمار والمخدرات ومختلف الشرور الأخرى.

وعندها أمسكت بقضبان السجن، ورُحـت أصـرخ بأعـلى صوتي: يا الله أينما كنت في أي دين.. توّبني.. ارحمني.. حررني. كنت أبكي بشدة ومرارة، ولم أَفق من صراخي إلا في فجر اليوم التالي. وعندها شعرت في الحال بفرح حقيقي عميق يغمر كياني، وتمتعت بسلام عجيب. ورغم علمي أن التخلص من إدمان المخدرات، ولا سيما الهروين، يحتاج للعلاج الطويل في المستشفى، لكني ورغم وجودي في السجن تمتعت بمعجزة التحرير دون علاج بشري تمامًا. أدركت أن المسيح الذي حدّثني عنه من قبل جاري وسام هو حقيقة حيّة وهو موجود بكامل قوته كما كان هنا على الأرض منذ حوالي 2000 سنة.

تمنيت أن أعرف أكثر عن المسيح الذي متّعـني بسـلامُه، فكانت المعجزة الثانية بالنسبة لي وهي مجيء جاري وسام لزيارتي بالسجن في توقيت عجيب حينما طلبت من المسيح أن يظهر ذاته لي. أهداني وسام نسخة من الكتاب المقدس ومجلدًا لمجلة نحو الهدف. فكان مجلد نحو الهدف هو المصباح والشعاع الذي أنار لي الطريق إذ عرّفني كيف أن الله قبلني في المسيح، وكيف أقرأ الكتاب المقدس، وأجاب عن أسئلة كثيرة كانت تدور بذهني وأنا في السجن. وعندها قرأت الكتاب المقدس أكثر من مرة في السجن وإني لَمديون لمجلة نحو الهدف، ولكل من يكتب أو يساعد في خروج هذه المجلة المباركة التي عرفتُ المسيح بحق من خلال الإنجيل البسيط المعلن فيها.

كانت المعجزة الثالثة التي صنعها المسيح معي هي خروجي من السجن، إذ أُفرج عني بعد ثلاثة أشهر من تغيّري وولادتي الجديدة. ومنذ ذلك الحين وأنا أواظب على حضور الكنيسة وأشهد وأُخبِّر عن المسيح وتحريره في كل مكان. وقد تغير الكثيرون وآمنوا بالمسيح من خلال شهادتي، وكان أول من تغيروا بسبب إيماني هو صديقي السابق رامي والذي كان يتبنى أفكارًا إلحاديه كفرية وكان من قبل يتبع حركة النيو إيج New Age. وها نحن الآن معًا نعبد، ونشهد، ونخدم الفادي المجيد.

صديقي القاريء العزيز صديقتي القارئة العزيزة.. هل تمتعت بالحرية التي يقدِّمها المسيح؟ اسمعه يقول: «تَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ. أَجَابُوهُ: إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ. كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟ أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. والْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا» (يوحنا8: 32-36).

فهل تأتي الآن، كما فعل شاهين ووسام ورامي، وتصلي معي؟

صلاة:

يا من أوثقوك وساقوك فصنعت لي التطهير، يا من قيّدوك وسمّروك لتمنح لي التحرير، ارحمني واقبلني أنا الأسير وفكني وحررني لك الفضل والمجد الكثير.. أمين

زكريا استاورو
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf