2020 163

الصبر مفتاح الفرج

Bookmark and Share

مثل معروف في العربية، الأرجح أنه مترجَم من مثل فرنسي شهير “La patience est la clé du salut”، ويُقال بالعامية المصرية “اللي يصبر ينول”. ولا أعتقد أنه يحتاج شرحًا.

إلا أن “الصبر” (أي الانتظار الإرادي المتوقِع) أصبح عملة نادرة في زمن السرعة، والأزرار؛ فما دام ممكنًا إنجاز ما نريد بلمسة على الشاشة، وما دمنا في زمن العالم الافتراضي وبدائله الوهمية التي يمكن أن نلهي أنفسنا بها، فمن العبث الحديث عن الصبر. لكن الله يرى الصبر ضروريًا لحياتنا الحقيقية. هذا ما وضعه في خليقته؛ فلكي ينمو الطفل لا بد أن يصبر الوالدان، وليحصد الثمر على الزارع أن ينتظر متوقعًا، وليصل واحد إلى جسم رياضي لا بد أن يثابر في التمرين، ولينجح واحد بحق لا بد أن يتعلم بصبر. وهكذا حياتنا الروحية تحتاج للصبر.

يقول الرب في تفسيره لمثل الزارع «وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ» (لوقا٨: ١٥). فهل نريد قلوبنا أن تكون أرضًا جيدة؟ فلنصبر!

ولنكمل حياتنا بنجاح روحي، نحتاج - من ضمن ما نحتاج - إلى الجهاد بصبر «لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا» (عبرانيين١٢: ١). كذلك نقرأ: «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا (الشر)، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ» (١تيموثاوس٦: ١١).

وإن كان لنا شوق لبركة تحقيق الله مشيئته في حياتنا فلنلتفت إلى النصيحة الهامة: «إنكم تحتاجون إلى الصبر لتعملوا إرادة الله، فتنالوا البركة التي وُعدتم بها» (عبرانيين١٠: ٣٦- ترجمة التفسيرية).

لكن لنعلم أن الله غالبًا ما يعلمنا الصبر من خلال المحن (كالتي يمر بها العالم حاليًا) «عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، والصَّبْرُ تَزْكِيَةً (انتصار في المحن)، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي...» (رومية٥: ٣-٥)؛ فدعونا لا نرفض معاملاته بل «نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ» عالمين أن إلهنا هو «إِلهُ الصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ» (رومية١٥: ٥) سيعلمنا الصبر ويبث في قلوبنا التعزية.

وحتى لا نخور، ولكي نكمل، لنستمع إلى التحريض: «وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ (بترجمة أخرى: ودعوا الصبر يعمل عمله الكامل فيكم، لكي يكتمل نضوجكم وتصيروا أقوياء قادرين على مواجهة جميع الأحوال)» (يعقوب١: ٣-٤).

أخي.. اصبر!

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf