2016 142

يسوع في القلب هو كل شيء

Bookmark and Share

سيدة أمريكية رأيتها ذات صباح في أحد عنابر المستشفى التي كنت أعمل بها، كانت تسير مقوَّسة الظهر، بسبب عاهة ألَّمت بها نتيجة لحادث سيارة. والذي جذب انتباهي إليها هو السلام والهدوء المرتسمان على وجهها، واللذين حسبتهما انعكاسًا لسلام داخلي عميق يغمر نفسها. وذات مرة وجدت نفسي فجأة وجهًا لوجه أمامها، فاستأذنتها للجلوس معًا.

سيدتي: أتغفري جُرأتي لو طلبت أن تعطيني نبذة قصيرة عن حياتك الخاصة؟!

أجابت بهدوء تام: كنت أمًا لطفلين. ثم طلب زوجي الطلاق ليس لعلة غير تلك العاهة التي أصابتني بعد الزواج. واستجاب لمطلبه القانون الذي هو من صنع الإنسان. ثم طلب زوجي حضانة الطفلين. فاستجاب له نفس القانون. وتمادى زوجي في قسوته وظلمه، فاستمال قلب الطفلين، وحرَّضهما على عدم رؤيتي. ومنذ وقت قصير ألَّمَ بي ورم سرطاني بالمخ، أُعالج منه في هذه المستشفى.

تهدَّج صوتها، وأخذَت في هدوء ووقار تجفف دموعها.

احتبست أنفاسي داخلي، وعدت أسألها عن سر هدوئها وسلامها العميق؟! فأجابت بسرعة البرق ولغة اليقين المطلق: يسوع في القلب هو كل شيء.

نكَّست رأسي، وسألتها عن الكيفية التي تقضي بها الوقت؟! فقالت بنفس راضية: أصلي من أجل طفليَّ، وأصلي من أجل زوجي، وأعمل في مصنع للتريكو، وكل ما يتبقى لي من مال أمنحه كهبة لأحد الملاجئ الذي يرعى اليتامى والمعاقين.

وفي ختام حديثي معها استأذنتها بسؤال أخير: سيدتي الفاضلة، ما هو عزاؤكِ ورجاؤكِ وسط ظلم وظلام هذا العالم؟

فجاءت نغمات كلامها كسيمفونية سماوية عطرة: أمتلك كلمة الله والتي أستطيع أن أقرأها حتى الآن. كما أمتلك عرش؛ عرش نعمة الله، الذي يُمكنني أن أتقدَّم إليه، وفي كل حين. وإني أنتظر اللحظة التي أرى فيها ذاك الذي أحبني وأسلَم نفسه لأجلي، فهو بنفسه من وضع حُبَّه في قلبي، فاستطعت أن أُحبَّ مَن هم لي، ومَن هم حولي، بل وأيضًا أعدائي.

يا للعجب!! ويا للروعة!! ويا للجمال!! زوجة لها زوج وطفلان تُطَّلّق ظُلمًا، وتُحرَّم من رؤية طفليها وهم أحياء، أضف إلى هذا شبح الموت بمرض خبيث، بالإضافة إلى آلام العظام المستمرة التي هي كوخز الإبر الذي لا يرحم. أَتوجد لُهب أكثر من لُهب هذه النيران؟! أَتوجد وجيعة وحرقة تجعل القلب ينزف دمًا أكثر من هذه؟! ومع ذلك، ورغم كل ذلك، فهي طيلة الجلسة لم يبدُ منها كلمة أنين أو ضجر أو تذمُّر ولو للحظة واحدة. لقد كانت طيلة جلستها عزيزة، وكريمة، وشامخة.

قارئي العزيز: لا بد أنك أدركت السر: إنها النعمة وقوة الخلاص، وهي النصرة وغلبة الإيمان؛ إنه يسوع الذي هو كل شيء للقلب.


 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf