2016 141

إحترام مبادىء وقوانين الله

Bookmark and Share
“اللعب بالهرمونات كاللعب بالمجهول” هو عنوان لدراسة علمية عن مخاطر استخدام الهرمونات بطريقة خاطئة. تقول فيه أن هرمون النمو “growth hormone” والذي يلجأ إليه كثيرين من أبطال كمال الأجسام، هو أقوى عقار للحصول على مكسب عضلي ضخم جدًا، بل وهو العقار الوحيد الذي يداوي التركيب الوراثي المعتل، حيث أنه يساعد على النمو، ولكنه يُعتبَر أكبر مغامرة، حيث أنه ذو أعراض جانبية خطيرة جدًا مثل نقص معدل السكر في الدم، ونقص معدل الوظيفة للغدة الدرقية، وأحيانًا تشوهات العظام وكبر حجم القلب ومشاكل تضخم الأعضاء والموت المبكر؟
أحبائي في كل مرة يحاول الإنسان أن يتدخل في تعديل النظام الإلهي يسبب كارثة!! ودعونا في هذا المقال نحكي سويًا عن بعض هذه المخاطر التي نجلبها لأنفسنا عندما لا نخضع للقانون الإلهي فلا نحترم النظام الدقيق للطبيعة وللكون الذي حولنا. فنزداد تمسّكًا بهذه الفضيلة، ألا وهي احترام مبادئ الله، الطبيعية والأدبية الأخلاقية.

أولاً: دعني أعطيك مثالاً واحدًا من دقة النظام الإلهي الرائع من الطبيعة التي حولنا، وهو التوازن الدقيق في نسبة الأكسجين. معروف أن الغلاف الجوي الذي يحيط بنا هو الذي يحافظ على نسب الغازات اللازمة، ليس لبقاء البشر فحسب، بل لكل الكائنات الحية على الأرض. وهذه النسبة هي ٧٧٪ من النيتروجين و٢١٪ من الأوكسجين و١٪ من ثاني أُكسيد الكربون بالإضافة إلى باقي الغازات الموجودة في الغلاف الجوي، وهي تمثل الأرقام المُثلى اللازمة لبقاء الكائنات الحية. فالأوكسجين هو الغاز الفعَّال بالنسبة للكائنات الحية، الذي يساعد طعامنا لينضج ثم ليتحول إلى طاقة في داخل أجسادنا. فإذا ازدادت كمية الأوكسجين في الغلاف الجوي عن ٢١٪، تبدأ الخلايا في أجسادنا في التلف بسرعة أكبر، كما أن جزيئات الهيدروكربون اللازمة للحياة سوف تتدمَّر. أما إذا نقصت هذه الكمية فسنشعر بصعوبة في التنفس، كما لن يتحول الطعام الذي نأكله إلى طاقة. وهذا التوازن يتم بحكمة إلهية فائقة وعلى مدار آلاف السنين.

ثانيًا: عندما يتدخل الإنسان ليس بهدف الأكتشاف أو الدراسة والبحث - والتي هي في غاية الأهمية - بل محاولاً تغيير النظام الإلهي والتعديل فيه.. هنا تحدث الكارثة!!

وأسمح لي قارئي العزيز أن أسرد لك مثالين لتدخل الإنسان غير الصحيح وعدم احترامه لقوانين الله البيئية التي حولنا:
المثال الأول من عالم النباتات: هل سمعت عن نبات “زهرة النيل - الأيلوديا”..؟؟ هو من أخطر النباتات ضررًا على الإنسان وبيئته في العالم. والموطن الأصلي لهذا النبات هو حوض نهر الأمازون بأميركا الجنوبية، وقد أدخله عالم أجنبي من عدة سنوات إلى النيل لعمل تجارب ما، والنتيجة أنه انتشر بطريقة مرعبة مسببًا عدة أزمات بيئية لا حصر لها مثل: استهلاك كمية كبيرة من المياه وامتصاص كمّ كبير من المواد الغذائية الذائبة فيها، مما يؤثّر على سلامة الثروة السمكية، كما أنه يحجب وصول ضوء الشمس إلى الأحياء الأخرى التي تعيش في الماء، ويعيق بصورة مباشرة حركة الري للأراضي الزراعية!!

أما المثال الثاني فهو من عالم الحيوان؛ في مقال نشرته أحدي الجرائد المصريه عن خطورة التلاعب بالهرمونات في حياة الحيوان وما سببته من أضرار رهيبة لكل من الحيوان والإنسان ذكرت الآتي: صرّح الدكتور محمد بيومي، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين الفرعية بالقليوبية، أن انتشار مرض السرطان بين الحيوانات يرجع إلى عدة أسباب من بينها: تناول تلك الحيوانات للمأكولات المحمَّلة بالمواد المسرطنة، كالمبيدات الحشرية بعد رشها على الأراضي الزراعية، أو استخدام المربيين حقن الهرمونات مع الحيوانات المنزلية كالكلاب والقطط لأغراض زيادة معدل نموها السريع أو التدخل لمنعها من التكاثر!!

من هذه الملاحظات السريعة والأمثلة القليلة التي ذكرناها نستخلص عدة أمور هامة:
١. وضع الله الخالق والمصمم نظامًا دقيقًا للحياة من حولنا أشار إليها الكتاب المقدس بالقول «مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ: زَرْعٌ وَحَصَادٌ، وَبَرْدٌ وَحَرٌّ، وَصَيْفٌ وَشِتَاءٌ، وَنَهَارٌ وَلَيْلٌ، لاَ تَزَالُ» (تكوين٨: ٢٢). كما أن الله أشار لهذا النظام بالقول «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ» (تكوين١: ١١). كما أن المرنم أشار إليها بالقول «أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ... إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا» (مزمور٨: ١، ٣) وقال أيضًا عنها «مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ« (مزمور١٠٤: ٢٤).

٢. أوصى الله الإنسان أن يعمل الأرض ويدرس ويبحث الظواهر، لا أن يتعدى على نظام الخليقة حتى لا يدمر هذا الصنيع البديع. فيقول لآدم وحواء «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (تكوين١: ٢٨). وعن التأمل والدراسة يقول الخالق الأعظم «ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟» (أشعياء٤٠: ٢٦).

٣. خطورة عدم احترام أمور الله وأفكاره وقوانينه سواء في الطبيعة أو في علاقاتنا معه أو مع الآخرين. فمرة قال الله عن قوانين الزراعة «لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ، لِئَلاَّ يَتَقَدَّسَ الْمِلْءُ: الزَّرْعُ الَّذِي تَزْرَعُ وَمَحْصُولُ الْحَقْلِ» (تثنية٢٢: ٩). بمعنى لا تغيِّر نظام الزراعة لئلا تفسد كل الإنتاج، والمعنى الأعمق لهذه الآيه، هو عدم الخلط بين النجس والمقدس لأن قانون الله هو «لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟» (٢كورنثوس٦: ١٤).
عزيزي... ما أروع هذا الدرس، الثقة في حكمة الله وقوانينه والخضوع لها، ليس خنوعًا بل تقديرًا واحترامًا لهذا العظيم الذي لا يبغي ألا راحتنا وسلامنا. فبطاعتنا وتقديرنا لمبادئه نحصد خيرًا وفيرًا «أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ» (أمثال١: ٣٣). وليحفظنا الرب من خطورة التمرد على قوانينه الموضوعة لخيرنا وراحتنا «إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ... وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ. لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ» (إشعياء١: ١٩).

إيليا كيرلس
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf