2015 136

من يطارد عصفورين يفقدهما معًا

Bookmark and Share
مثل متوفّر في لغات كثيرة؛ فيُقال بالإنجليزية “Chase two birds at the same time and you will lose both”، وبالفرنسية “Celui qui chasse deux oiseaux en même temps il les perd tous les deux”. ويقولونه أيضًا بالعامية المصرية “صاحب بالين كداب”. وهو يُقال للدلالة على ضرورة وجود أولويات في الحياة؛ فإنه لا يمكن أن يكون لك هدفان في الوقت ذاته، فمع أنه قد يحدث لوقتٍ أن يكونا معًا في اتجاه واحد، إلا أنهما لا بد يفترقا سريعًا؛ فتبدأ الحيرة ويأتي الارتباك، ولا تدري وراء أيهما تجري. ولأن الصيد يتطلب انتهاز الفرصة المواتية، وهي قصيرة للغاية، فالنتيجة أن العصفورين يطيران بعيدًا ويعود الصياد خالي الوفاض.

قديمًا علّمنا الرب درسًا لا بد أن نَعيه في أيامنا، حين قال: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (متى٦: ٢٤).

كان الرب يكلِّم أناسًا يعيشون بطريقة تركِّز على المال والتجارة والممتلكات، لدرجة جعلت قلوبهم تتعلق بها، فصارت تلك الأشياء تتحكم في طريقة تفكيرهم وقراراتهم وأولوياتهم، بل وكل تفاصيل حياتهم؛ وأصبحت لهم إلهًا يُعبَد ويُطاع. وقد يُستبدل المال بالنسبة للبعض بالعواطف أو الشهوات، أو الشهرة أو السلطة، أو... تعدَّدت الآلهة، ونازعت الله الحقيقي في قلوب البشر، ويبقى المبدأ واحدًا.

والحقيقة إن منطق الرب هنا واضح ومقنع؛ فبنفس منطق أنك لا يمكن أن تسير في طريقين في وقت واحد، وأنك لا يمكن أن تطارد عصفورين في وقت، لا يمكن أن يكون لك سيدين؛ فالسيد هو صاحب الأمر الوحيد ولا يمكن أن يكون له شريك، وإلا ما صار سيدا. يقولونها بالإنحليزية if He is not Lord in all, He is not Lord at all أي إن لم يكن الرب سيدًا في كل شيء فهو ليس سيدًا على الإطلاق.

وبعد توضيحٍ وافٍ للموضوع بكل أبعاده في متى٦، يعود الرب فيقول لنا «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا (ما يسعى وراءه الآخرون) تُزَادُ لَكُمْ». فهل نفعل؟!

صلاة نحتاج أن نصليها مع من قالوا: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْنَا سَادَةٌ سِوَاكَ. بِكَ وَحْدَكَ نَذْكُرُ اسْمَكَ» (إشعياء٢٦: ١٣).
إن فرصة الحياة قصيرة جدًا تحتاج لأن نًحسن استغلالها.

عصام خليل
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf