2015 132

بين الأصحاب

Bookmark and Share
أول يوم دراسة دايما بيبقى تقيل، حتى لو المدرسه مش جديده.. صحيان بدرى.. روتين.. طابور.. وحصص بعد أجازة طويلة.. مرهق!

النهاردة أول يوم في فصل 3/ 8، فصل بنات قسم الادبي. على دِكَّه هناك، من ورا كده على اليمين، جنب الشباك، بدأت قصتنا:

قعدوا جنب بعض، ومحدش فيهم كلم التاني، لحد ما رن جرس الفسحة! مره واحده كده قامت وقالت: بعد إذنِك عديني أنا نازلة.

خلصت الفسحة، ورجعت صاحبتنا مقموصة.. قعدت مكانها جنب الشباك، وسندت راسها على الدكة.

صوت همهمة.. مناديل بتطلع من شنطتها، وغيرها بيترمي!! فضلت كده لآخر اليوم!!

صعبت علي ريهام، بس مقدرتش تسألها: مالك؟

رنّ الجرس، وجِه وقت المرواح. لكن صاحبتنا الزعلانة مارفعتش راسها من على الدكة برضه!

استنت كل البنات يمشوا، وأول ما قامت، لقيت على الدكة قالب شوكلاتة وورقة مكتوب عليها: ”أتمنى بكره تبقى أحسن.. من ريهام اللي قاعده جنبك“

اتحمقت أكتر أول ما قرأت الورقة! خدت شنطتها وروحت.

تانى يوم قابلت ريهام بابتسامه وقالتلها: إزيك يا ريهام، أنا ندى، متشكرة أوي على حركه امبارح، سامحيني كنت مش لطيفه معاكي، أصل كان في حاجه مضيقاني

ريهام: ولا يهمك، انتي النهاردى أحسن؟

ندى: ده امر واقع ولازم أتقبَّله.

اتحمقت ندى!

ريهام: لا لا من فضلك متبكيش، مش معايا شوكلاتة تاني. ههههه.

ضحكوا أوى وبعدها بسرعه سكتوا.. الحصة ابتدت.

جه وقت الفسحة

ريهام: نازله؟

ندى: لا. وانتي؟

ريهام: ها قعد

ندى: إنتى عارفه ليه أنا مش نازله؟ (سكتت عشان تحاول متعيطش)

ريهام: لو مش عاوزه تتكلمي بلاش.

ندى: اتخانقت مع مادونا اللي كنت فاكراها صديقه عمرى!

طبطبت عليها ريهام: متزعليش يا ندى، كل الأصحاب ممكن يتخانقوا وبيتصالحوا عادي!

ندى: مش هينفع أبدًا نرجع أصحاب زي الأول، وأنا ماما حذرتني منها كتير وقالتلي بلاش مادونا أنا مش مرتحالها. واديني خدت مقلب كبير فيها، أتاريها بتحكي أسراري لشلتها، ولما واجهتها بكده كدبت عليا، لحد ما سمعتها بوداني وشفتها بعينيا وهى بتتريق عليا معاهم امبارح فى الفسحة.

ريهام: معلش، محدش بيتعلم بالساهل.

ندى: سيبك مني أنا، انتى معندكيش اصحاب؟

ريهام: كان ليا..بس أنا جايه المدرسة جديد؛ عشان بابا اتنقل فى شغله، فغيَّرت المدرسة

ندى: انتي منين؟

ريهام: من اسكندرية.

ندى: ولسه بتكلمى اصحابك وبتقابليهم؟

اتنهدت ريهام بحزن و قالتلها: للأسف. لما بعدت عنهم نسيوني، البعيد عن العين بعيد عن القلب!

ندى بتهكم: أنا مش عارفه إيه موضة الأصحاب الأي كلام اليومين دول هههه.

ضحكوا سوا على جروحهم، وبمرور الأيام زمالتهم اتحوّلت لصداقة!

بدأت ريهام تحضر مع ندى الاجتماع، ودي حاجه زوِّدت ارتباطهم ببعض. وفي يوم بعد الاجتماع، ريهام قالت لندى إن مامتها عاوزة تتعرف عليها. استأذنت ندى أهلها، وراحت تقعد شويه مع ريهام فى بيتها وتتعرف على مامتها. كان وقت لطيف وبيعدي بسرعه أوي.. ضحك، أكل لذيذ، صحبة بالدنيا، مشاعر دافية!

تانى يوم الزيارى، ندى راحت المدرسة متنكدة!!

ريهام: مالك؟ ما انتي كنتي كويسة امبارح؟!

ندى: مامتك عقدتني بصراحه!

ريهام: ازاي بقى؟

ندى: حلوه كده وروحها شبابية، سابتنا نضحك ونتكلم براحتنا، مش مقفلة كده زي مامتي!

ريهام: ماما فعلا عسولة وقريبة مني، إحنا اصحاب جدًا، بس أنا عندي وجهة نظر متواضعة في حكاية مامتك دي!

ندى: إيه؟ هتقوليلى بتخاف عليا و الكلام ده؟! طب ما انتي مامتك بتخاف عليكي، بس مش لدرجة الخنقة، أنا بجد نفسي صعبانة عليا من ساعه ما روَّحت من عندك امبارح! مش فاهماني ولا مقدَّره طموحاتي، مهما حصل عمرنا ما بنتفاهم!

ريهام: بس مش هى دي وجهة نظري!

ندى: إيه وجهة نظرك طيب؟

ريهام: أنا اتعرّفت على مامتك في الكنيسة وهي فعلا لطيفه وحبوبة خالص.

قاطعتها ندى: أيوه مقدرش أنكر إنها كده، بس إحنا مش أصحاب! مش نافع نتصاحب خالص، كل ما نتكلم نختلف مع بعض!

ريهام: يا ندى، بصي للجانب الايجابي من شِدِّية طنط عليكي من فضلك.

ندى: مش شايفة أي ايجابية الصراحة.

ريهام: لا يا ندى فىه.. على قد ما يمكن انتوا ممكن تكونوا مش عارفين تحكوا ببساطه مع بعض، بس من عشرتي بيكي شفت قد إيه انتي بتلجأي للرب في ضيقك وبيعجبنى اوى اتكالك عليه، بتحكيله وتفضفضيله وده شيء رائع فيكي، وأنا حاسة إني محظوظة إني صاحبتك. لازم يا ندى تصدقي إن ربنا هو اللي ورا إنك تكوني اتولدتي في البيت ده بباباكي ومامتك دول، وإن ورا ده كلّه خطة عظيمة وإنه أنسب وضع ليكي معاه.

ندى: أنا اللي يابختي بيكي يا ريهام. أنا لما اروَّح ها افكَّر في وجهة نظرك دي..

روَّحت ندى، وقعدت تفكَّر في كلام ريهام. مش تفكَّر بس، لكن تفكَّر وهى بتصلي وتحكى للرب.

ارتاحت جدا لفكره إن الرب عارف إيه الأفضل لينا. إن ليه خطة صالحة ومرضية وكاملة. إنه صالح ودايمًا مُتاح، وعنده كل الحب، حتى فى أشد الأوقات اللي كانت بتحس فيها إن محدش فاهمها.

حاولت تفكَّر بإيجابية.. لَقِت إن حزم مامتها ياما حماها من شرّ هي مش قَده.. القوانين اللى فرضتها عليها ميِّزتها تميُّز فريد عن نسخ بنات متكررة في العالم.

شكرت الرب على بيتها ومامتها.. على علاقتها بيه، وإنه عرَّفها على شخصه، وإنه أبدًا ما سابها.. شكرته على ريهام الصديقة الحقيقية.

حلو الصاحب اللى يشوف فيك الحلو ويشجَّعك بيه.

بس الأحلى اللي يخليك على الرب ترفع عينيك.. المحبه بتزيد ما بينكم لا إرادي.. ولذّة العشرة معاه بتبقى شيء مش عادي.

يا بختك لو ليك واحد من النوعيه الأحلى.

ولو ملقتهوش.. بدل ما تستنى..

كونه انت.

آن عماد
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf