1993 2

الشعور بالنقص

Bookmark and Share
شعور عام عند كثير من الشباب المؤمنين، يبدأ تكوينه فى فترة المراهقة، ولكنه غالباً مايستمر مع الشخص فى مراحل النمو النفسى التالية.  يختلف ظهور الشعور بالنقص باختلاف الشخصية، فيزداد فى الشخصيات الإنطوائية (الشخص الإنطوائى: شخص غير اجتماعى، لايستطيع التعبير عن نفسه بسهولة، يميل للإرتباط بعدد قليل من الناس، غالباً يكون ارتباطه عميقاً وصعب الرجوع فيه، غالباً عميق التفكير) ويقل فى الشخصيات الإنبساطية (الشخص الإنبساطى: اجتماعى، ينجح فى ترك إنطباع حسن عنه لدى الآخرين، يميل لتكوين علاقات كثيرة لكنها غالباً سطحية، تفكيره لايتجه للعمق) 

يزداد هذا الشعور بازدياد مقارنة نفسى بالآخرين، فتكبر أمام عينى نقاط ضعفى وعجزى.  ويصاحب هذا الشعور وينتج عنه بعض الظواهر النفسية الأخرى مثل ضعف الثقة بالنفس، الخجل فى التعبير عن نفسى أمام الآخرين، عدم القدرة على المواجهة الذى يؤدى إلى مزيد من الإنطواء وإلى الهروب من المسئوليات، وتحول تفكير الشخص إلى داخله مما يؤدى إلى اكتشاف أشياء مؤلمة تزيد من الشعور بالنقص. 

بعض اسباب ظهور هذا الشعور في هذا السن

بالإضافة للأسباب الفردية مثل نوع الشخصية، العوامل الوراثية، طريقة التربية والـظروف العائلية المحيطة، هناك أسباب خاصة بهذه السن:

+ زيادة  الطاقة  النفسية : «كسهام بيد جبار هكذا أبناء الشبيبة» (مزمور127: 4) هذه الآية تكشف حجم الطاقة الداخلية فى سن الشباب.  ويصاحب هذه الطاقة زيادة الرغبات الداخلية لإثبات الذات مثل حب الظهور، والتمرد .... إلخ.  هذه الرغائب أحياناً تكون عنيفة، وإذا اصطدمت بعوائق فى طريق خروجها، سوف تؤدى إلى الشعور بالعجز والإنطواء، وبالتالى الشعور بالنقص.

+ ظهور الرغبات الجنسية : نتيجة إكتمال النمو الفسيولوجى للجهاز التناسلى وأحياناً تكون هذه الرغائب مُرغمة ويبدأ الشاب فى اختبار الهزيمة المُرّة والشعور العميق بالذنب وهذا يؤدى إلى الشعور بالنقص.

+ النظر فى داخلى : نظراً لوجود تغيرات داخلية غير مرغوب فيها، ولكنى عاجز عن التخلص منها.

+ نتيجة لهذه الأمور أبدأ فى  مقارنة  نفسى  بالآخرين. طبعاً بظاهر الآخرين فقط أقارنه بما فى داخلى أنا، فأظن أنهم سعداء وأنا حزين، منتصرون وأنا مهزوم، قادرون ولكننى عاجز، هم أفضل وأنا أقل منهم. 

الولادة من الله وتأثيرها على الشعور بالنقص

بالولادة من الله نصير «شركاء الطبيعة الإلهية»(2بط1: 4)، فتنشأ فى الشاب الرغائب والمحاولة للعيشة بالقداسة وإرضاء الله والتخلص من الرغائب السيئة فى داخله، وقبل أن يختبر الشخص طريق التحرير والنصرة، يجد نفسه عاجزاً ومهزوماً وحزيناً ومثقل الضمير «لما جاءت الوصية عاشت الخطية فمُت أنا» (رو7: 9)، وبالتالى فالولادة من الله فى هذه المرحلة سوف تساعد على زيادة الشعور بالنقص.

هل الشعور بالنقص نوع من الضعف الروحي؟

هو شعور مرتبط بالتركيب النفسى للإنسان، ولا علاقة له بالحالة الروحية للمؤمن، وفى الكتاب المقدس أمثلة لمؤمنين أفاضل استخدمهم الرب مع شعورهم العميق بعدم كفاءتهم:

إرميا : «آه ياسيد الرب إنى لاأعرف أن أتكلم لأنى ولد» (إرميا1: 6)

موسى : «من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أخرج ...» (خروج3: 11)؛ «لست أنا صاحب كلام ....» (خروج4: 10)  

هل الشعور بالنقص مفيد روحياً ام غير مرغوب فيه؟

من المبادئ الكتابية الهامة التى يرغب الرب أن يغرسها عميقاً فى قلوبنا، مبدأ الإستناد الكامل على الرب فى كل شئ صغير أو كبير، وأكثر شئ يبغضه الله هو أن يجد فينا روح الإستقلال عنه.  والشعور بالنقص إذا إنغمست فيه بدون التعامل مع الله سوف يقودنى إلى الشلل التام والإنطواء، أما إذا ذهبت به إلى الرب فسوف يكون المجال لأتعلم به القول «بدونى لاتقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يوحنا15: 5) وبالتالى أتعلم بعدها «لكى لانتكل على أنفسنا بل على الله» (2كورنثوس1: 9)، ثم إذا استخدمنى الرب يكون لسان حالى «ليكون فضل القوة لله لا منا» (2كورنثوس4: 7).  ونجد أن الرب عندما اختارنا سُرّ أن يختار أُناساً أقل من غيرهم إنسانياً «ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون ...» (1كورنثوس1: 26)، والله فى الكتاب استخدم أموراً صغيرة لتحقيق أهداف عظيمة مثل عصا موسى، الحجارة المُلس مع داود.  وهكذا نرى أن الشعور بالنقص بين يدى الرب يمكن أن يكون بركة كبيرة، وإذا كنت تشعر أنك أقل من غيرك، فأنت أحوج الناس للإرتماء على الرب، وأنت الإناء المناسب الذى يريده الرب ويستخدمه. 

كيف أتعامل مع هذا الشعور؟:

- أذهب بما فىّ إلى محضر الرب كما سبق القول، وأشكره على نقاط ضعفى لأنه المجال المناسب له.

- أقبل نفسى فى محضره على ماأنا عليه، لا أتذمر على ضعفاتى، وهناك سيكشف لى عن مزايا كثيرة كانت مخفية عنى بسبب مشغوليتى الكثيرة بنفسى وبنقائصى.

- أتدرب فى محضره أيضاً على أن أكف عن مقارنة نفسى بالآخرين، وأتعلم أن أشكره على ماأعطى للآخرين.

- أتدرب على أن أكف عن الثقة فى نفسى وأنمو فى هذا بالتدريج كما سبق القول.

- أتدرب على أن أكف عن النظر فى داخلى وألا أنفرد بنفسى إلافى محضر الله.

- بمعونة الرب أتعلم إخراج الطاقات الداخلية فى هذه السن فى المجالات المتاحة روحياً على قدر الإمكان.

- أمارس مزيد من الشركة مع شعب الله الذين يحبوننى وأحبهم، وهناك سأجد نفسى متناسياً هذا الشعور تماماً.

- ليس بالضرورة أن يكون العلاج هو القضاء على هذا الشعور أو نيسانه، لأنه أحياناً يسمح الرب ببقائه ملازماً لى لأنه الوسيلة التى يراها هو مناسبة لوجودى بالقرب منه دائماً.
عصام عزت
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf