1999 38

انتهاء تاريخ الصلاحية

Bookmark and Share
بعد جهد عثرنا على الدواء المطلوب لعلاج أحد المرضى، ولما كان الدواء عبارة عن علبة بها كمية كبيرة من الحبوب، بالإضافة إلى أنه باهظ الثمن؛ لذلك اتجهت العيون نحو تاريخ الصلاحية.  انزعجنا كثيرًا عندما قرأنا على العلبة أن الدواء تنتهى صلاحيته في 1/1/2000.  لكن الانزعاج الأكبر كان في أن الدواء ظَلَّ صالحًا للاستعمال، بينما المريض هو الذى انتهت حياته.

صديقي، صديقتي :

يقول الجامعة: «لكل شيء  زمان.  ولكل أمر تحت السماوات وقت، للولادة وقت وللموت وقت، للهدم وقت وللبناء وقت...  للصيانة وقت وللطرح وقت» (جامعة3: 1 -8).  فكل شيء هنا يَبيد ولا يبقى؛ من الدودة الحقيرة إلى الشجرة الكبيرة، الكل يزول ويفنى.  أين زعماء العالم كهتلر والإسكندر؟  بل وأين ممالك العالم كبابل والاتحاد السوفيتي؟  الكل مختوم بخاتم عدم البقاء.  فلن تجد سلعة مهما كانت صناعتها، أمريكية كانت أو يابانية، صالحة إلى الأبد.  قد تُسمّى السلعة معمِّرة، ولكن لفترة محدودة.  إن الكوبرى العملاق الذى ظل يربط بين ضفتي النيل في مدينتنا سنين كثيرة قد أُحيل أخيرًا الى الاستيداع (المعاش)، لأن عمره الافتراضي قد انتهى، وكأنه ما عاش.  والحصان عنترة الذى كان يمتطيه فارس بارع في زهو وكبرياء وكأنه يسابق الريح، وكانت تتسابق كاميرات التصوير في إبراز مفاتن وجمال الحصان، وكان يحوم كالفراشة، ويقفز كالغزال متخطيًا الحواجز بخفة ورشاقة، محققاَ ميداليات في محافل دولية ورسمية، لكن؛ كيف كانت نهاية عنترة؟!  لقد مرض الحصان وكانت نهايته أيضًا رسمية (ميري) إذ قُتل رميًا بالرصاص.

وصدق كتاب الكتب حين قال: « كل جسد كعشب.  وكل مجد انسان كزهر عشب.  العشب يبس وزهرة سقط» (1بطرس1: 24 ).
لذلك رفض إبراهيم ممتلكات سدوم لأنها ستحترق (تكوين 13، 14، 19)، ورفض موسى مجد مصر (عبرانيين11: 24، 25) وأبَى أن يخلد فيها ويبنى له المصريون هرمًا (مقبرة) فدفنه الرب نفسه (تثنية 34: 6).  أما دانيال فرفض أن يكون ثالثًا في مملكة بيلشاصر فصار أولاً (دانيال6: 3، 5: 7، 17).
و إننا نفعل حسنًا إن بحثنا عن أمور أخرى باقية وأبدية «ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرىَ بل إلى التي لا تُرىَ.  لأن التي تُرىَ وقتية (إلى حين)، أما التي لا تُرىَ فأبدية» (2كورنثوس4: 18).

صديقي القارئ : لا يوجد شيء صالح وأبدى سوى المسيح الذى هو نصيب كل حكيم.  لقد اختارته مريم نصيبًا لا يُنزع منها، واختاره الكاتب والملايين على مر الزمان..  فالمسيح:

 خلاصه أبدى (عبرانيين 5: 9)

 والحياة التي يمنحها أبدية (يوحنا 5: 24)

له حياة لا تزول (عبرانيين7: 16 )

كهنوته لا يزول (عبرانيين 7: 24)

ومملكته لا تزول (دانيال 7: 14) 

بل وحرف واحد من أقواله لا يزول (متى5: 18).

 و هو ملك الدهور الذى لا يفنى (1تيموثاوس1: 17).

لكن الأمر المؤكد يا صديقي أن هيئة هذا العالم تزول، فهل لا زلت قابضًا على أهدابه..  إن تاريخ صلاحيته قد قارب على الانتهاء...  ألا ليتك تستفيق..


صفوت تادرس
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf