2010 105

إحترام الأكبر سنا

Bookmark and Share

بينما تنحدر القيم الأخلاقية في عالمنا الحاضر انحدارًا رهيبًا في الأيام الأخيرة، تظلّ قيم كتاب الله المقدس عالية جديدة تُزيِّن تعاليم مخلصنا الله، الذي لا يُعطي فقط قِيَمًا سامية، بل ويعطي طبيعة إلهية سماوية نكون بها مشابهين صورة الابن الحبيب ربنا يسوع المسيح.

ومن أبرز مظاهر الانحدار الخُلُقي حالة التمرد وعدم الاحترام لمن هو أكبر سنًّا، كما يسجل الوحي: «يتمرد الصبي على الشيخ والدنيء على الشريف» (إشعياء3: 5).  لذلك سيكون موضوع حديثنا هنا عن هذه الفضيلة المسيحية الرائعة؛ وهي احترام الأكبر سنًّا.

ويصف أصحاب الانهيار الأخلاقي بين الشباب بأن فضيلة “احترام الكبير” بأنها “old fashioned”؛ موضة العصر الحجري، أو كما يقولون: “دا كان زمان أيام جد جدي - الله يرحمه - صاحب الطربوش الأحمر!!”، وغيرها من التهكمات الساخرة.  لكن، أحبائي الشباب، نحن يهمنا أولاً وأخيرًا رأي الله.

أولاً: الله يعطي تقديرًا وتكريمًا للشيوخ والأكبر سنًّا

إن كان الناس والهيئات يقدِّرون فقط الشباب الأقوياء وينسون من تقدم بهم السن واعتزلوا الوظائف، لكن إلهنا ليس هكذا، فهو:

1. يمتدح الشيبة قائلاً على فم سليمان الحكيم: «تاج جمال شيبة توجد في طريق البر» (أمثال16: 31)، وأيضًا: «فخر الشبان قوتهم، وبهاء الشيوخ الشيب» (أمثال20: 29).

2. ويؤكِّد الرب عن مدى اهتمامه الخاص بالأشيب فيقول: «وإلى الشيخوخة أنا هو، وإلى الشيبة أنا أحمِل.  قد فعلت وأنا أرفع وأنا أحمل وأنجِّي» (إشعياء46: 4).

3. وعن حكمة الأشيب يقول الكتاب المقدس: «الأيام تتكلم وكثرة السنين تُظهر حكمة» (أيوب32: 7).

ثانيًا: احترام الأكبر سنًّا وصية كتابية واضحة

يقول الرب: «من أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ وتخشى إلهك.  أنا الرب» (لاويين19: 32).  هنا يربط الرب احترام الكبير سنًّا بخشية الرب، بمعنى أن من لا يفعل هذا هو لا يخاف الرب، وحدَّد الرب أمرين هامين:

1. أمام الأشيب تقوم (Rise Up): بمعنى تراه فتنهض له، ولا تتكلم مع الأكبر سنًّا وأنت جالس.  هل لنا أن نُصحِّح طُرُقنا وأخطاءَنا فنُثبت أننا بحق نخشى الرب؟

2. تحترم وجه الشيخ (Honour): وهذه الكلمة تحمل معنى الإكرام والمهابة والاحترام، وعدم السخرية من المُسِن أو من أفكاره حتى ولو لم تتوافق مع أفكارنا، أو لقلة ما يعرفه عن التكنولوجيا الحديثة...  إلخ.
ثم ختم الرب هذه الوصية بإمضاءه وتوقيعه قائلاً: «أنا الرب!»

ثالثًا: كيف نتعامل ونتكلم مع الأكبر سنًّا

1. نستمع إليهم ونقدِّر خبرتهم: وقدَّم الصبي يسوع مثالاً رائعًا لذلك في الهيكل عندما كان «جالسًا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم» (لوقا2: 48).  ويقول الحكيم: «يا ابني أصغِ إلى حكمتي.  أَمِل أذنك إلى فهمي» (أمثال5: 1).

2. يوصي الرسول بولس تيموثاوس قائلاً: «لا تزجُر شيخًا، بل عظه كأب» (1تيموثاوس5: 1)، فمهما كان موقعي في الخدمة والمسؤولية لا يجب أبدًا أن أُكلم الأكبر سنًّا إلا بكل تقدير كالأب تمامًا.

3. وفي أسلوب التحدث إلى الأكبر سنًّا، كان أليشع يخاطب إيليا قائلاً له: «يا أبي، يا أبي» (2ملوك2: 12)، وكان داود يخاطب شاول قائلاً: «اُنظر يا أبي شاول» (1صموئيل24: 11).

4. وعن روح الخضوع والموَّدة مع الأكبر سنًّا، يقول بولس عن تيموثاوس: «ابنى الحبيب والأمين في الرب» (1كورنثوس4: 17)، وأيضًا عن تقدير الصغير للكبير: «أنه كولد مع أب خدم معي لأجل الإنجيل» (فيلبي2: 22).

رابعًا: الإكرام الإلهي لمن يكرم الأكبر سنًّا

إن راعوث الموآبية مثال رائع لفتاة أكرمت حماتها المُسِنة، واشتغلت بكد لتعولها؛ فأكرمها الرب جدًّا جدًّا.  صحيح أن السبب الأول هو التصاقها بالرب، لكن يذكر الكتاب معروفها لحماتها فيقول لها بوعز مكافِئًا إياها: «إنني قد أُخبِرت بكل ما فعلتِ بحماتك بعد موت رَجُلِك...  ليكافئ الرب عملك، وليكن أجرك كاملاً من عند الرب» (راعوث2: 11).  ونعلم كلنا كم كانت المكافأة لها؛ فلقد تزوَّجها بوعز، الرجل التقي والثري، وأيضًا دخلت في سلسلة نسب ربنا يسوع المسيح.

خامسًا: خطورة التقليل من الأكبر سنًّا والسخرية منهم

تُقِّدم لنا كلمه الله العظيمة أمثلة لبعض الذين أساءوا للأكبر سنًّا، فلم يحصدوا إلا التعب والعقاب الإلهي وأكتفي بمثلين فقط من كلمه الله:

1. رحبعام: الذي لم يسمع لنصيحة الشيوخ في أمور حكم شعب الله، فأُخذت المملكة منه ولم يبقَ معه إلا سبط واحد، والسبب هو احتقار نصيحة الأكبر سنًّا: «فأجاب الملك الشعب بقساوة وترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه» (1ملوك12: 13).

2. خرج بعض الصبية وراء رجل الله أليشع ساخرين منه ومن فكرة صعود إيليا رجل الله إلى السماء، قائلين له: «اصعد يا أقرع، اصعد يا أقرع!» (2ملوك 2: 23).  فيا للوقاحة!  غلمان صغار يسخرون من الله الذي أصعد إيليا ولا يحترمون نبيًّا للرب ويسخرون من مظهره، فماذا يستحقون؟  يقول الكتاب: «فخرجت دُبَّتان من الوعر وافترستا منهم اثنين واربعين ولدًا»  فيا للدمار!

أحبائي، إن كُنَّا نعيش وسط جيل لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا، يضرب بكل القيم عرض الحائط، لا يُشفِق على صغير أو يحترم كبيرًا، الذين دينونتهم عادلة وآتية؛ لكن دعونا، كأولاد لله، وبقوة وعمل الروح القدس، نُكرم إلهنا ونطيع وصيته التي أوصانا بها: «من أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ وتخشى إلهك.  أنا الرب» (لاويين19: 32)، فنخشى إلهنا ونكرم من أوصانا أن نكرمهم؛ أي أحباءنا الأكبر سنًّا.

إيليا كيرلس
 

الصفحة الرئيسية - إتصل بنا - نبذة عن المجلة

كتّاب المجلة - أعداد نحو الهدف السابقةصفحة البحث

©2010 Nahwal Hadaf